الملك: ما برحت ذكرى اخي ماثلة في خاطرنا، ولكني انظر الى مطلع الفجر يرتدي كساءه الاحمر وهو يطل من فوق الندي المتساقط على هذا التل القريب. فعلنا ذلك بفرحة تشوبها الاحزان وبعينين احدهما ضاحكة والاخرى باكية. فكان السرور وسط المأتم. والاسى يغشي العرس. وقد تساوى الفرح والكدر في كفتي الميزان.
انتقل الان الى ما تعرفونه من امر الفتى بولونيوس (ولي عهد مملكة سويسرا) فقد صور له الوهم ان بنا ضعفا او عجزا. او ان دولتنا اعتراها الاضطراب والارتباك. ولا اخوّلكما اية سلطة شخصية اخرى للمفاوضة مع الملك فوق ما تسمح به النصوص الواضحة في هذا الخطاب. وليكن اسراعكما دليل اخلاصكما للواجب.
وداعا.
ان الفم ليس في حاجة لليد اشد من حاجة عرش الامبراورية واعتمادها عليك.
ما الذي تبغيه؟
مولاي. ابغي عطفك واذنك بأن اعود الى بلدتي.
اني اضطررت اخيرا الى الموافقة بعد طول رجاءك والحاحك.
ولتذكر انك انتزعت مني الموافقة بمشقة بعد طول تمنع.
شكرا يا مولاي.
لتنعم بساعات عمرك ولتنفق اوقاتك كلها فيما يوحي لك ضميرك.
ما بال الشحوب يغشي وجهك؟
كلا يا مولاي بل تغمرني الشمس بأكثر مما اطيق.
الملك: انزع عنك ثياب الحداد ولا تلبث الى الابد مطرقا بعينيك. تفكر في والدك الراحل. وانت تعلم انه من المحتوم ان كل حي مصيره الموت ولابد ان تسلمه الحياة الدنيا الى الحياة الابدية.
هملت: لا ملابس الحداد السوداء ولا التنهدات المتصاعدة ولا الزفرات المتلاحقة ولا العبرات المنهمرة من العين ولا الحزن الممض الذي يعلو المحيا، ليس كل هذه تستطيع ان تصف حالي وصفا صادقا. لديّ في اعماق نفسي شئ تعجز المظاهر عن محاكاته.
الملك: ان مشاعر الحداد التي تظهرها بغير ارادتك تنم عن روح كريمة ولكنك تعلم في غير شك ان اباك فقد اباه وذلك الاب فقد والده ايضا ولابد للخلف ان يقيم مراسم الحداد فترة من الزمن بيد ان الاصرار على الحزن والامعان فيه امر ينطوي على عدم الايمان والتسليم بقضاء الله. انه حزن يكشف عن ارادة عاصية لاحكام السماء وقلب غير عامر بالايمان و فهم ساذج لم يثقف. وان هذا المسلك لاثم في حق السماء وفي حق الموتى. اريدك ان تبقى معنا.
هملت: سأفعل ما بوسعي لاطاعتك يا مولاي.
الملك: هذا رد ينطوي على المحبة والاخلاص.
الملك (للملكة): ان هذا القبول الرقيق الذي ابداه هاملت عن رضا ليملأ قلبي فرحا. وحرى بنا ان نتناول نخب الفرح بينما تنطلق الالعاب النارية حتى تبلغ السحاب فتردد السماء صدى احتفالنا البهيج.