مفترق طرق #1

kak-vybrat-nyanyu

بينما اتطلع الي الأفق وجدت نفسي اقف في مكان مألوف لديّ. يحيط بي الفوضى وعدم اليقين، وقرارات كثيرة يجب اتخاذها ولكنني لا زلت ابذل أقصي جهودي في محاولة لتأجيل اتخاذها او على الاحرى تجنب اتخاذها على الاطلاق. سرت قدما الي مفترق طرق من شأنها أن تقرر المرحلة التالية من حياتي وما سوف انجزه فيها. بعد ان جربت كل شيء ممكن تجنبا لاتخاذ قرار بشأن اختيار الطريق الذي سأسير فيه، وجدت نفسي في نهاية المطاف منجذبا نحو الطريق  الذي على جانبي الايسر.

بعد ان سرت فيه قليلا، تقابلت مع رجل يبدو طاعنا في السن. كان يجلس على اريكة في جانب الطريق، قررت أن أخذ استراحة قصيرة لالتقاط انفاسي. جلست على مسافة قريبة من الشيخ الغريب، قريبا بدرجة تسمح لكل منا ان يشعر فقط بوجود الآخر فقد كان مستغرقا في القراءة. جلسنا في صمت لبضع دقائق قبل أن يتكلم اخيرا ويحييني قائلا:

– “مرحبا ايها الشابة! ما الذي اتي بك هنا؟ ”

لقد كان مثل هذا السؤال بسيطا، ولكني فكرت لمدة دقيقة في محاولة لمعرفة بماذا اجيبه، واخيرا تطلعت اليه في شئ من الانكسار واجبته وانا ازدرد ريقي بصعوبة:

– “لا أعرف.”

تجعيدة صغيرة ظهرت على وجهه للحظة ثم ابتسم كما لو كان ردي مسليا له بطريقة أو بأخرى. حدقت مرة أخرى فيه بنظرة ملؤها الارتباك وقبل أن أتمكن من طرح سؤالي عن لماذا كان ردي مضحكا، أجاب:

– “أنا آسف. ان الامر مجرد أنني قلت هذا الرد نفسه منذ سنوات عديدة عندما سألني أحدهم نفس السؤال. يبدو انها دورة الحياة تقريبا لأنك تذكرني كثيرا بنفسي عندما كنت شابا. سألته:

– “متى كان كان هذا ؟”

ولكنه اجابني بانه لا يتذكر جيدا متى حصل ذلك.

سألته كم المدة التي يعتزم البقاء فيها هنا، لكنه بعد ان لاذ بالصمت للحظات اجابني بلهجة مؤثرة انه لا يوجد لديه مكان يذهب اليه. ثم قال بلهجة بها كثير من الانكسار وشئ من الرجاء:

– “انصت اليّ يا صغيري وسأخبرك. لقد بدأت رحلتي في هذا الطريق منذ سنوات عديدة على الرغم من أنه لم يكن لدي أي فكرة عما كنت اريد ان احققه في حياتي. هل تصدقني ان قلت لك انني ما زلت لا أعرف ما أريد القيام به؟ لم يكن هذا الطريق هو خياري الأول، ولكني سلكته لانعدام شعوري بالامان،  لقد تركت الغموض يكتنف حياتي ويملي علي قراراتي، لذا فقد استكنت هنا، ارتكنت واستسلمت لظروف الحياة، لقد حدث ذلك ببساطة لأنني لا أثق بنفسي وقدراتي. وإذا انت اردت مواصلة السير في هذا الطريق، فاعلم ان حياتي قد تصبح حياتك. وإذا كان هناك شيء واحد أرجوك أن تذكره في لقائنا، هذا الشئ سيكون هو: اذا لم يكن لديك حلم في الحياة، فليس لك حياة. آمن بحلمك ولا تتخل عنه ولا تستسلم مهما طالت السنوات التي يتطلبها تحقيقه، فالسنوات تمر على اية حال. تمسك بحلمك، فإن النتيجة تستحق كل تضحياتك لاجله. أقول هذا مع امنياتي القلبية لك بمستقبل أفضل. وآمل الا تتقاطع مساراتنا مرة أخرى “.

بدأت عيناه تترقرق بالدموع. أردت أن امد يدي واربت على كتفه واكفكف دموعه ولاعلمه أن الوقت ليس متأخر جدا بالنسبة له لتغيير مساره. كنت أريد أن نغادر هذا المكان معا، ولكنه لم يدعني افعل ذلك ولاذ بالصمت. كان هناك شيء مؤثر جدا في صمته جعلني أعرف أنه سيرحل قريبا. بقلب مثقل، ودعته وعدت الى الوراء لاسلك الطريق الآخر.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s