مواقف من حياة القديس الاسقف نيقولاوس اسقف ميرا:
قال الشيخ بتأثر عظيم بدا في ملامح وجهه ونبرة صوته المتقطعة:
– نيقولاوس! شكرا لك لقد كنا في عداد الاموات وانت جئت واحيتنا.
– لا احد غير الله يعطي الحياة.
– انا اكلمك عن حقيقة رأيتها وخبرتها بنفسي.
– وانا اكلمك عن ذات الحقيقة. هذه عطية الله.
– لقد اعطيتني الكثير من المال وقت الشدة والحاجة.
– المسيح هو الذي اعطاك.
-المسيح؟
-نعم، المسيح هو النبع، هو الذي يعطي كل شئ، وهو مصدر كل الخيرات.
-لقد انقذتني من جوع ورددت لنا اعتبارنا.. اريد ان اسألك سؤالا، لماذا تساعدني؟
-انت تحدثني عن شئ انا لا اعرفه.
-لا انك تعرفه. انك انسان نبيل. كيف تعطيني هذه الثروة ثم تنكر ذلك. لقد اعطيتني اموالا اكثر من مرة.
-انا لا اعطيك شيئا. اني لا املك شيئا.
-غريب انت حقا. ولكني اريد جوابا عن هذا الامر فقط. ما اسمك؟
قاطعته ابنته التي جاءت للتو من الخارج وقالت:
-نيقولاوس! اسمه نيقولاس يا ابي.
-من اين تعرفينه؟
-انه من بلدتنا.
-انت اذا تعرفينه! ثم التفت الى نيقولاوس وقال:
-وانت تعرفها أليس كذلك؟.. نيقولاوس، ما رأيك في ابنتي؟
-ابنتك ميرا فتاة رقيقة و مهذبة.
-لقد تزوج اخواتها، وبقيت هي وحدها. ثم صمت هنيهة وهو ينظر برقة الى نيقولاوس ثم وضع يده على كتف نيقولاوس واستطرد قائلا: لا يوجد انسان اعز على قلبي حتى ازوجه ابنتي.
-منذ متي تعرفه يا ابي؟
-اليوم. انه هو الذي اعطانا الاموال.
-ليس انا. لقد قلت لك من قبل. الله خلقنا حتى نكون سعداء. لماذا اذا عندما نكون سعداء لا نشارك سعادتنا مع الاخرين.
-سألت ميرا: نيقولاوس سؤال واحد اريدك ان تجيبه. لماذا اغنيتنا بهذا المال؟
-الغنى هو غنى الروح.. برأيكم اي خبز يشبع؟
-الخبز الذي ناكله.
تركهما نيقولاوس وهو يقول:
-لا، انه الخبز الذي من السماء.
قال الاب لابنته:
-في رأيك ماذا فعل هذا الشاب؟
-لقد كسر الحاجز بين الاغنياء والفقراء يا ابي.
-انه يعطي لغيره، ولا يعترف انه فاعل الخير، وان الذي ياخذه بيده اليسرى يعطيه باليمنى.
-هذا انسان غير عادي. لماذا يعطي الاخرين بهذه الطريقة؟
-هذا سره. اه لو اصير زوجة لك يا نيقولاوس.
-بهذا يكون قد عمل اكبر خير في حياته. ولكن الامر يحتاج لتضحية كبيرة، وضحك مازحا.
+++
– نيقولاوس!
– ميرا!
– ماذا فعلت لك؟ الى اين انت ذاهب؟
– بلاد الله واسعة.
– اتهرب مني؟
– بل هارب من نفسي. اريد ان اجد الله. الدنيا لا تسعني.
– واين ستجد الله؟
– ساجده عندما اذهب اليه.
– وانا؟
– انت ماذا؟
– ألا تريد ان تتزوجني؟
– لا اريد ان اتزوج على الاطلاق. منذ ان مات ابي عرفت ان الدنيا رحلة للحياة الحقيقية. لا اعرف الى اين امضي لكني اعرف انه لابد لي ان ارحل.
– اتتركني لاني لا اعرف ان اقرا واكتب؟
– ليس المهم ان نعرف ان نقرأ ونكتب. المهم ان نصل الى المعرفة فحسب.
– اذا انت تتركني لاني فتاة بسيطة؟
– الايمان يلزمه البساطة، والبساطة فيها وضوح، والوضوح وحده يعمل الاشياء العظيمة. ثم ادار ظهره وهو يودعها قائلا: سأصلي للرب يسوع دائما لاجلك.
– لا احب يسوع.
– ولكنه هو يحبك.
+++
سقط القديس نيقولاس في حفرة يوما. كانت الحفرة شركا قد نصبه احد الصيادين، حالما سقط قديسنا في الحفرة صرخ قائلا:
– يا يسوع.. يا يسوع انقذني.
وللحال ظهر فتى. خاطبه نيقولاوس قائلا:
– ساعدني لكي اخرج من الحفرة.
رد عليه الفتى بتهكم:
– انا الذي حفرتها لك.
– اذا انت حفرتها لي سأمكث فيها لاجلك.
– هل ستمكث فيها حتى تموت.
تناول القديس صرة مال وقذف بها اليه قائلا:
– خذ هذا لك.
قال بدهشة:
– ألم تستوعب بعد الامر. انني انا الذي حفرت الحفرة؟
– انت اتيت لتتصيدني وانا شكرتك.
– اذهب للبيت. اقترب للمساء وربما تهاجمك الحيوانات المفترسة.
– انا لا اخاف من الحيوانات المفترسة.
– لم اكن اقصد ان اخيفك. ولكني اريدك ان تذهب الى المكان الذي اتيت منه.
– لا يوجد لي بيت.
– اين اهلك؟
– اهلي ماتوا. لا يوجد لي احد يعتني بي.
– بل لك!
– ومن هو؟
– لو تطلعت للسماء ستجد ان هناك شخصا يحبك.
– اين؟ انا لا اراه.
– ما اسمك؟ هل تعرف شيئا عن الله؟
– لا، انني اعرف فقط كيف اسرق.
– اذا انا اعطيتك اموالا لكي تتوقف عن السرقة.
– لماذا تريد ان تعطيني مالا؟
– الله يريد ذلك!
– اتمزح معي؟ انا لا افهمك. اصعد من الحفرة وافهمني.