ابراهيم خليل الله

020-abraham-canaan

مشهد 1

الراوي: سخروا منه ووصفوه بالجنون! وسأله بعضهم: كيف تذهب الى مكان لا تعرفه؟ واستنكر اخرون ان يتلف حياته بسبب حلم رآه! لكنه اصر على ان يسافر ، وترك الارض والعائلة والاصحاب وكل شئ، لانه اراد ان يسمع كرم الله الواحد، فنال بحق لقب “خليل الله”. ابراهيم “خليل الله” رفض ان يسجد لاله مصنوع لم يتبع الاغلبية المؤمنة بعبادة المظهر. تحمل الكثير من النقد واللوم والالم. عبر التاريخ نجد دوما بعض اشخاص قبلوا ان يعملوا اي شئ ، وان يذهبوا الى اي مكان وان يدفعوا اي ثمن ليرضوا الله. يظهر هذا واضحا في حياة خليل الل ابراهيم الذي بسبب ايمانه العظيم صار ابا روحيا لكل المؤمنين وعندما احب ابراهيم الله ربح بحق لقبه العظيم: ابراهيم خليل الله. ولان ثقته في الله كانت كبيرة لذلك كان عطاء الله له سخيا بلا حدود فاق كل تصور ابراهيم وكل احلام زوجته سارة، فماذا كان العطاء؟ تعالوا بنا لنرى!

الاب: كلنا نعبد الاله مردوك. انت ولدت في هذه المدينة، وعليك ان تعبد كما يعبد اهلك، هيا نذهب للمعبد معا. انا ابوك، وانا ارفض كلامك الفارغ عن هذا الاله الغير مرئي.

ابراهيم: عندما ولدت يا ابي لم اولد وانا لابسا قميصك! ولم اولد في ديانتك!

الاب: عجزت عن فهمك يا ابراهيم انت تجلب لنا الخزي والعار! لماذا تنبذ تقاليد ابائك؟ لماذا لا تعبد كما يعبد باقي الناس؟

ابراهيم: انا احبك ، ولكني لا اقدر ان اطاوعك في هذا الامر! انا اسف لذلك! هذا الاله مردوك ليس هو اله ادم ونوح. لن اعبده!

الاب: ولكن لماذا يا ولدي ؟ هل انت اكثر حكمة من شيوخ المدينة وكهنتها؟ انهم ينتقدون سوء تصرفك وسوء تصرف زوجتك، لانك ترفض الدين الحقيقي يا ولدي، افكارك هذه ستؤدي بك الى الموت! هل تسمعني؟ الى الموت!

ابراهيم: سواء عشت او مت فسأعبد الله الواحد الذي لا شريك له! هذا الذي ليس له كفوا احد! لقد كلم ادم ونوحا- افلا يكلمنيانا ايضا؟ انت تكلمني عن الدين ، لكني افتش عن العلاقة مع الله والانس به. اريد صلة شخصية بالله الحي. ولن اجد اكتفائي ومعنى لحياتي الا في الله وحده. لو كان مردوك الها لاشبع نفسي! ليس مردوك الها.. اني اطلب وجه الله!

الاب: انت تضيع وقتك يا ولدي! لو ان هناك الها واحدا ما اهتم بمخلوقات صغيرة مثلنا. كان ادم ونوح نبيين من نوع خاص اما انت فانك مجرد ولدي الجاهل ابراهيم! لا تحارب ما قاله الاباء فيحاربك الناس جميعا. انتبه لما اقول قبل ان تواجه المتاعب!

الراوي: ولكن افكار ابراهيم بقيت ثابتة.. ايمانه ظل راسخا.

مشهد 2

ابراهيم (يفكر): ادم ونوح مثلي – لو طلبت رضاه لابد ان يكلمني. هو عظيم لكنه خلق ادم من تراب بأمر منه، وهو يحب خليقته ولم يهملها لحظة. وهو يحبني ولن يتخلى عني. عرف ادم ونوح باسميهما. الا يعرف اسمي؟ … سأبحث عن الحق مهما قال الناس عني.

الراوي: كان تارح والد ابراهيم على حق. لقد رفض المجتمع ابراهيم وزوجته سارة، لانهما رفضا عبادة اهل بلدهما، وصار موضع سخرية الناس وحقدهم.. وذات مساء جاء بعض رؤساء الكهنة ليتكلموا مع تارح والد ابراهيم.

مشهد 3

الاب: مرحبا باصحاب المقام العالي العظيم. مرحبا في خيمتي المتواضعة.

كاهن: اخشى انك ستسحب الترحيب بنا حالما تعرف سبب زيارتنا.. لقد اتخذ المجلس الديني الاعلى قرارا بخصوص ولدك..

(يدخل ابراهيم)

ابراهيم: مساء الخير.. (موجها كلامه لابيه) ماذا يريدون هنا؟

كاهن: ماذا يريدون؟ اقول لك ايها المارق عن عبادة مردوك: لاحظنا كفرك وتجاهلناهن لكننا لاحظنا ان بعضا تأثر بك، وجعل يتساءل عن جدوى عبادة الهنا العظيم. انت جعلت بعضا يكفرون.

الاب: ارجو ان تهدأ يا سيدي حتى اوضح موقف ولدي. في العام الماضي صدمت صخرة رأسه ، و..

ابراهيم: كلا يا ابي، لم اصدم رأسي، ولست مجنونا! دعني اشرح لصاحب الفضيلة كاهن مردوك حياتي.. هل سمعتم الحكمة القائلة: “من ثمارهم تعرفونهم”؟ لقد ابعدني عن عبادة الهكم ما رأيت فيكم من جور واثام!.. تقولون ان مردوك يعتني بالبشر جميعا! ثم تضعون على كاهل الناس مطالب لا يقدرون ان يحملوها! هل تظنون ان الشرائع تقدر ان تقضي على انانية الناس واثامهم؟ هل استطاعت شرائعكم ان توقف حقدكم وشهواتكم؟ هل تظنون ان الله لا يراكم؟ هل منحكم مردوك سلام النفس او رجاء لمستقبل افضل؟ هل اشبع قلوبكم وحقق امانيكم؟ لا! لانكم تضعون ثقتكم في فكرة، اما انا فاضع ثقتي في اله حي، بيني وبينه علاقة شخصية، لا اله تقاليد ميتة، بل اله القلوب الحية!

الكاهن (يصم اذنيه ويصر على اسنانه بغيظ): كفى! كفى! تقول ان تقاليدنا ميتة ! لا يا غبي! بل انت الذي ستموت قبل غروب شمس الغد ان لم تحضر لاداء العبادة في معبدنا غدا. لن نحتمل كفرك: فاما ان تعبد مردوك او تموت!

مشهد 4

ابراهيم نائم ويرى حلم.

الرب (صوت) : اخرج من اور الكلدانيين. وهلم الى الارض التي اريك اياها.

ابراهيم : ولكني يا رب لا اعلم الى اين امضي؟

الرب: فقط اتبعني.

ابراهيم (لابيه): ابي، ان الرب ظهر لي في حلم.. وامرني ان اترك اور.

الاب: ولكن الى اين ستذهب؟

ابراهيم: انه امرني ان اخرج من اور فحسب.

الراوي: في تلك الليلة خرج ابراهيم وتارح اباه وكل عائلته، وكل ما لهم، من اور الكلدانيين. سافروا شهورا على شواطئ نهر الفرات حتى وصلوا “حاران” على بعد 1120 كيلومترا من اور. واستقر تارح وعائلته فيها سنوات طويلة. عاش ابراهيم وزوجته سارة في حاران في سلام. ومع ان عبادة ابراهيم لاله ادم ونوح كانت غريبة على اهل حاران فان احدا منهم لم يهدده بالموت. وكوّن ابراهيم وسارة صداقات عميقة مع كثيرين من اهل حاران.. وبعد مدة جاء دور تارح ليسير في طريق الارض كلها اي الموت.

ناحور: ابراهيم، ابراهيم!

ابراهيم : ما الامر يا ناحور؟

ناحور: ابي مريض جدا ، ويطلب ان يراك وحدك. هيا اليه! لا اظن انه سيعيش بعد الليلة.

ابراهيم : لا تتكلم يا ابي! استرح! سأبقى معك.. اق…اقترب يا ولدي اريد ان اك…اكلمك ق.. قبل ان ام… اموت.. في الل.. الليل اخذتك والعائلة من اور، ليس فقط لاساعدك ، بل لان كلامك كان رس… رسالة من الله لي. انت على حق يا ولدي. لقد ضيّعت حياتي لارضي الناس وليس الله… اله ادم ونوح الذي تحبه … كلمني الليلة وق…قال لي: انه يدعوك ان… انت لتخدمه . هو اله صالح كل… كلمني … لست وحدي… لست وحدي.

ابراهيم : اه ابي لا… لا! ..

الراوي: بعد انتهاء جنازة تارح اظهر الله لابراهيم انه يكلم عبيده بوحي من عنده.. فقد كلم ابراهيم الذي كان لاشئ في نظر الناس.

الله (صوت): ابراهيم، لقد سمعت صلاتك. اكلمك لانني اعرف انك تطيع كل ما آمرك به. خذ سارة ولوطا ابن اخيك واتركوا حاران. اترك اصحابك وكل شئ، واتبعني الى الارض التي اريك اياها.. سأجعلك امة عظيمة، لانك تحبني وتريد ان ترضيني سأباركك واجعل اسمك عظيما وبك تتبارك جميع قبائل الارض . اطع كلامي وسأكون لك الها ولنسلك.

(ينهض ابراهيم ويقف بباب الخيمة.. تستيقظ سارة بعد قليل وتنهض من الفراش)

سارة: زوجي العزيز، صحوت فلم اجدك، وانشغلت عليك! ماذا جرى؟

ابراهيم: لا شئ يا سارة. حلمت حلما كلمني الله فيه ودعاني ان اترك حاران .

سارة: والى اين نمضي؟

ابراهيم : الله سوف يرشدنا الى المكان الذي يريدنا ان نذهب اليه.

سارة: صحيح انه يكلم الذين يحبونه. لا تخف. فحيثما تذهب اذهب معك.

ابراهيم: شكرا يا سارة. احتاج لتشجيع محبتك. سيظن الجميع اننا مجانين.

مشهد 5

ابراهيم: ناحور، في الليلة الماضية رأيت رؤيا – الله الذي اعبده طلب ان اخذ عائلتي واهجر حاران. انت الذي ترأس القبيلة من بعدي هنا في حاران.

ناحور: تهجر حاران يا ابراهيم؟ لقد تجاهلت ديانتك الجديدة. انت زدت فيها! محبوك هنا كثيرون. وهذا وطنك وشعبك الذي تنتمي اليه – هل تتركنا اطاعة لخواطر غريبة؟

ابراهيم: يؤسفني فراقك يا ناحور لكن على ان اطيع الله حيثما يقودني ومع انك لا تراه فانه الاله الحي الذي عبده ادم ونوح وقد اوحى اليّ. وهو يظهر نفسه لكل من يطلبه. يمكنك انت ايضا ان تسمع صوته وتراه لكنك راض بحالك ولا تريد ان ترضيه – ولكني سأفعل اي شئ لارضيه. انني لا اتبع شرائع ولكني اتبع الله الحي.

الراوي: يودع ابراهيم اصحابه ويسافر وقد اختلفت اراء اهل حاران بخصوصه. البعض سخر منه. والبعض ظنه مجنونا والبعض الثالث سأله: كيف يذهب الى مكان لا يعرفه. وفريق رابع قال انه يضيع حياته بسبب حلم رآه.. وسافر ابراهيم وترك الارض والعائلة وكل شئ لانه اراد ان يسمع كلام الله فنال بحق لقب خليل الله.

رجل (من اهل حاران): يا ناحور، اخوك مجنون .. يترك كل شئ لانه يطع الها لا يراه. انه لا يعرف حتى الى اين يذهب. يقول: ان المكان الذي يقصده ليس هاما بقدر ما يهمه ان يحب الله! هذا سخيف!.

ناحور: لا تضحك يا صديقي . كنت اود ان تكون لي شجاعة البحث عن اله خلق العالم كله – قال ابراهيم انه يترك كل شئ ليعرف اله نوح.. ولقد عرفه! .. ما رأيك؟ لقد صدقته!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s