فرنسيس الاسيسي -2

ad8168bd1d65a3c84d0fa4bb6914e89d

-8-

فرنسيس يبني بالاحجار

بقى فرنسيس يجمع الاحجار … وكان يذهب الى بلدته اسيسي يطلب الطعام والاحجار . وذات يوم لاقاه اخوه الصغير الذي كان يسخر منه فدفعه بيده وقال له “هل تبيع عرقك” فقال فرنسيس “عرقي بعته باغلى ثمن ليسوع المسيح”

ومع ان كثيرين سخروا منه الا انه لم يبالي. وذات يوم كانت فتاتان شريفتان اسمهما “كلارا” و “اجنس” يسيران مع امهما فرأتا فرنسيس يجمع الاحجار، فاعطته كلارا بعض النقود. ثم احضرت له كعكة بها زبيب ليأكلها.

واستمر فرنسيس يعمل حتى انتهت المؤنة . ومضى يوم واثنان وثلاثة دون ان يحضر له احد شيئا. فنزل الى اصحابه وهم في وليمة ليتسول منهم ما يحتاج اليه.. ولكن حين سمعهم يضحكون تراجع. واخيرا شجع نفسه ودخل اليهم وطلب منهم فاعطوه.

وحاول القسيس ان يطعم فرنسيس من عسل النحل ولبن العنزة التي يملكها، لكن فرنسيس رأى ان يأكل خبز الفقر الذي يتسوله. وذات يوك ذهب الى بيت “مارتيا” التي ذهب امام بيتها يغني. واعطته مارتيا كرنبة عفنة سوداء وهي تقول ان الجائع لا يهتم ان كان الطعام فاسدا ام صالحا، فاخذ فرنسيس الكرنبة وهو يقول “هاتي يا سيدتي ان الشئ الاسود داخل المعدة الطف من الشئ الاسود داخل القلب”

وعندما جاء الشتاء ونزل الثلج توقف البناء. ولكن فرنسيس ظل يصلي ويبني حياته الروحية في التأمل والعبادة. وعندما جاء الصيف بدأ فرنسيس يعمل بنشاط فاصلح الكنيسة كلها وبنى بيتا للقسيس العجوز. ورمم فرنسيس بعد ذلك كنيسة القديس بطرس، ثم ذهب الى دير بندكت ورمم كنيسة العذراء هناك، وهي كنيسة “سيدة الملائكة”.

وهكذا رمم فرنسيس ثلاث كنائس.

-9-

دعوة لبناء الارواح

بعد ان انتهى فرنسيس من ترميم اخر كنيسة في شهر فبراير عام 1209م طلب من قسيس كنيسة القديس دميان ان ينزل ويدشنها. وكان انجيل القداس في ذلك اليوم من انجيل متى يقول:

“وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ. ‏اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا. تَقْتَنُوا ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً وَلاَ نُحَاسًا فِي مَنَاطِقِكُمْ، وَلاَ مِزْوَدًا لِلطَّرِيقِ وَلاَ ثَوْبَيْنِ وَلاَ أَحْذِيَةً وَلاَ عَصًا، لأَنَّ الْفَاعِلَ مُسْتَحِق طَعَامَهُ. وَأَيَّةُ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ دَخَلْتُمُوهَا فَافْحَصُوا مَنْ فِيهَا مُسْتَحِق، وَأَقِيمُوا هُنَاكَ حَتَّى تَخْرُجُوا.. هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسْطِ ذِئَابٍ”(مت10: 7- 16).

وشعر فرنسيس ان نور الله يفيض عليه فقد كلمه الله في انجيل القداس واعلن له ان يكون رسوله لينشر السلام والمحبة وليرمم القلوب المكسورة على ان يكون فقيرا..

وامتلأ قلبه بالفرح والسلام والحب.. وقال بعد القداس “لا اعرف لماذا كنت انظر اليك.. ولكن هذا ما يريده الله. فان الله لا يريدك ان تبني الاحجار بل ان تبني النفوس، وتعظ المواعظ العظيمة”

وجد فرنسيس يفكر ان الكنيسة التي وجب ترميمها هي الشعب المسيحي وسأل القسيس فاجابه انها هي الشعب المسيحي فعلا..

ترك فرنسيس حذاءه والقى عصاه ورمى كس ماله وربط وسطه بحبل خشن وجعل ثوبهه الفوقاني خشنا واما ثوبه التحتاني فقد القاه بعيدا!

ومن كنيسة “سيدة الملائكة” في فبراير 1209م خرج ليدعو الناس للتوبة.

 

-10-

فرنسيس يدعو للتوبة

خرج ليدعو الناس للتوبة وكانت مواعظه حلوة جذابة ، بسيطة وعميقة معا. اسمعوه يقول:

“ايها الناس الطيبون – انا ادعوكم اخوتي ، لان الله ابونا كلنا. تعالوا نحيا في سلام ومحبة وفرح مثل الاطفال. كلنا من طين واحدة لكن الله خبزنا في افران مختلفة. صحيح ان لكل واحد منا عيوبه، لكن كل واحد فينا له حسنات كثيرة. انظروا الى عيوب الاخرين بنفس النظرة التي ينظر بها الله الى عيوبنا، حينها تجدون انكم تحبونهم، رغم اخطاءهم.

والله اله عظيم ، خلق الشمس والنجوم كما خلقنا. نحن نحيا بروحه ونتحرك في نوره. وهو يملأ السموات والارضوهو يسكن فينا بروحه. وما اعظم الحياة التي يعطيها لنا، لاننا به نحيا ونتحرك. عندما تنامون او تطبخون او تعملون .. اذكروا ان الله في قلوبكم ولا تنسوه.

والاولاد سعداء لا يعولون هم الغد. عندما يرون وردة جميلة يهتفون من الفرح وعندما ينزل الثلج يرتلون وعندما تمطر يضحكون.. وهكذا يجب ان تفرحوا كل حين.

والاولاد يحبون اباءهم وهكذا يجب ان تحبوا الاب السماوي وتثقون فيه وتتكلون عليه ليلا ونهارا. توبوا عن خطاياكم. صحيح ان التوبة دواء مر لكنها تشفي الامراض.

عيشوا في سلام واتركوا الخصام.

وذات مرة رأى شحاذا يشكو ويلعن فقال له “كان يسوع فقيرا يا اخي، ولم يغضب عندما لم يطعمه احد، ولكنه كان يقول للناس : سلام لكم. كن في سلام تجد الخير والسلام”

وقال الشحاذ “ولكن يسوع لم يكن مسؤولا عن ستة اطفال يجب ان يطعمهم”

فقال “صحيح فقد كان مسئولا عن مئة مليون واكثر. كان مسئولا عن الصالح والطالح. وعندما دقوا المسامير في يده صلى لاجلهم”

وقال الشحاذ “انت عجيب ! كيف اجادل معك؟ انت نفسك تظهر جائعا ولكنك سعيد”

ثم سار الشحاذ في طريق اخر.

-11-

كثيرون يتبعون فرنسيس

قضى فرنسيس يومه يزور القرى يعظ في الحقول وفي الشوارع وهو يرتل .. كان يمشي مثل النحلة المشغولة بالعمل يعظ عن المسيح والفقر  والحياة الصالحة وكان الناس يسمعونه في فرح.

وذات يوم ارسل برنارد، صديق فرنسيس القديم، رسالة لفرنسيس يدعوه لزيارته. وذهب اليه فرنسيس وجلس بثوبه الخشن الممزق في منزل برنارد الفخم واكل القليل من مائدة صديقه الفاخرة وحكى فرنسيس لصديقه عن اعمال الله العظيمة معه. وبعد العشاء والحديث دعا برنارد فرنسيس للمبيت. كانت بالحجرة قنديل صغير وتظاهر برنارد بالنوم. وعندماتأكد فرنسيس ان صديقه نائم قام ليصلي .

كان برنارد مستيقظا وسمع فرنسيس يصلي قائلا “الهي وكل مالي” واخذ يكرر هذه الكلمات .. مرة بالدموع .. ومرة بالفرح.. وهو يسكت بين كل مرة واخرى. وكان يقولها مرة وهو يغطي وجهه بيده ومرة وهو متطلع الى السماء مادا يديه ومرة ثالثة وهو راكع في خشوع.. وهكذا قضى ليله ناجي ربه بهذه الكلمات الثلاث “الهي وكل مالي”

وكان منظر فرنسس بهيا، شغل تفكير برنارد.

وتأكد برنارد ان فرنسيس رجل الله حقا. وفي الصباح سأل برنارد “ماذا يفعل الرجل الذي وهبه سيده خيرات عظيمة، تمتع بها عدة سنين ، ثم صار لا يرغب فيها”

قال فرنسيس: “يرجعها الى السيد الذي انعم بها”

اريد ان اعطي كل خيراي الزمنية للفقرء، حبا بالاله الذي جاد بها عليّ.

ورأى فرنسيس ان هذا الكلام كبير فاخذ برنارد الى الكنيسة ليطلب ارشاد الله. وفي كنيسة القديس نقولا طلب من الاب بطرس ان يطلب ارشاد الانجيل حتى يعلن الله ارادته.

وفتح الكاهن التقي الانجيل للمرة الاولى فوجد القول ” إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي”.

ثم فتح الانجيل للمرة الثانية فوجد القول “لاَ تَحْمِلُوا شَيْئًا لِلطَّرِيقِ: لاَ عَصًا وَلاَ مِزْوَدًا وَلاَ خُبْزًا وَلاَ فِضَّةً، وَلاَ يَكُونُ لِلْوَاحِدِ ثَوْبَانِ.”.

ثم فتح ثالثة وقرأ القول “إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي”.

وسالت دموع بطرس على الانجيل وركع برنارد علامة الخضوع لصوت الله ثم ركع الاب وهو يقول لفرنسيس “وانا ايضا اريد ان اتبع نداء الله”.

وامتلأت اسيسي بالخبر العجيب ! الاب بطرس الكاهن المتزن والشاب برنارد الغني المترفه يتبعان فرنسس في طريق الفقر.

وباع برنارد كل ا كان له .. وامتلأت ساحة اسيسي بالمحتاجين ووقف الاب بطرس وبرنارد وفرنسس يوزعون الثروة.. وكان ضوضاء وزحام.. وعندما انتهى المال لم يكن في الساحة الا الشبان الثلاثة الذين اختاروا ان يتبعوا الرب في طريق الفقر الاختياري.

وانضم تابع ثالث اسمه “اجيديو” وهكذا صار عدد الاخوة اربعة..

وبدأ البعض يسمعون قصة الاربعة وينضمون اليهم حتى وصل عددهم الى اثنى عشر اخا. كان فرنسيس يدعوهم الاخوة الاصاغر.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s