-10-
هامان يقدم مشروعه
انني اكتب هذه الكلمات بعد ان علمت من عمي بتدبير هامان الشرير. علمت منه بالخبر وها انا اكتب قصة التدبير ويدي ترتعش.
قال هامان للملك زوجي “انه موجود شعب ما مشتت ومتفرق بين الشعوب في كل بلاد مملكتك. وسننهم مغايرة لجميع الشعوب، وهم لا يعملون سنن الملك فلا يليق بالملك تركهم. انهم لا يساعدون في بناء الدولة اذ لهم ايام مقدسة كثيرة يعتكفون فيها فلا يعملون شيئا. يكرسون الساعة الاولى من كل يوم للصلاة “اسمع يا شعبي. الرب الهنا رب واحد” والساعة الثنية للاغاني الدينية ، واليوم السابع يصرفونه كله للعبادة، لا يشتغلون شيئا، بل يقضونه في مجامعهم يقرأون كتبهم، وكتب الانبياء واثناء ذلك يمجدون الههم ويلعون الهتك ايها الملك، انهم يختنون اطفالهم، وبذلك هم مختلفون عن باقي الشعوب، وفي شهر نيسان يحفظون عيدا يدعون “الفصح” ينزعون الخمير وهم بذلك يشيرون الى نزع الملك الاجنبي عنهم.. انهم يطلبون قتلك وسقوط مملكتك.
ولقد قام يوما ملك هو نبوخذ نصر ملك بابل، وحاصر مدينتهم، واخرب هيكلهم وقتل العدد الكبر منهم وسبى الباقين الى بابل. ونقلنا نحن بعضهم الى فارس عبيدا، انهم متعظمون متمردون. ليس للبلاد منهم اي فائدة بل هم سبب كل البلايا.
هذا ما بغني ان هامان قاله للملك. لست اعلم ان كل ما سمعته ، هو حقا ما قاله، ام انه قال اكثر من ذلك. على كل حال ان ما قاله هامان فيه كثير من الحقيقة لكن هل يبرر ذلك ما طلبه من الملك اذ انه ختم كلامه قائلا : “انه لا يليق بالملك تركهم. فاذا حسن عند الملك فليكتب ان يبادوا وانا ازن عشرة الاف وزنة من الفضة في ايدي الذين يعملون العمل ليؤتى بها الى خزائن الملك“.
وقد اخبرني من اخبرني اكثر من ذلك . قال “ان الملك خلع خاتمه من يده واعطاه لهامان الشرير هذا وقال له، لقد اعطيتك هذا الشعب الشرير لتفعل به ما يحسن في عينيك“. ولكن احد الوزراء احتج وقامت بينه وبين هامان مناقشة طويلة لم تنته.. علمت ايضا ان الملك لم يكن راضيا كل الرضا عن ذلك، لكن هامان ظل يلح يوما بعد يوم ويقدم التهم والشكايات الباطلة قائلا للملك: “ان اليهود انما يمتصون دماء الشعب ويغتنون على حساب الاخرن وانهم قد اصبحوا اصحاب النفوذ المالي والاداري. وليس من المستعبد ان يزعزعوا اركان المملكة حينما تسنح لهم فرصة لذلك“
ضاق صدر الملك فامر بعقد اجتماع للمجلس الكبير، وعرض عليهم مشورة هامان، وطلب منهم ابداء الرأي.
وكان جواب المجلس باجماع:
“ان ابادة ذلك الشعب هو ابادة للعالم. ان شرائعهم وقوانينهم هي اسمى القوانين التي ترسي عليها قواعد اي مجتمع. ان باقي الشعوب انما يتعلمون منهم فيأخذون الكثير من قوانينهم ليطبقوها في حياتهم.. ويدرسون فلسفتهم ليصيغوا بناءا عليها فلسفتهم، ان الههم قوي، وهو قد استطاع ان ينتصر على الهتنا. الا تسمع بقصة شدرخ وميشخ وعبدناغو ، وقصة بلطشاصر لا زالت حديث الناس، وقد سمعنا قصة فرعون وقصة شق البحر الاحمر وتجفيف نهر الاردن وسقوط اسوار اريحا.
لم يسكت هامان بل قال:
“ان الاله الذي انتصر على فرعون يبدو انه قد اصابه وهن الشيخوخة. نعم فارقته قوته. الم يذهب نبوخذ نصر الى اورشليم ويهدم هيكله؟ الم يحضر ملكهم مسبيا الى بابل؟ الا يعيش اتباع ذلك الاله عبيدا هنا في فارس؟
استطاع هامان ان يدير الدفة الى صفه بحججه الخبيثة.
في اليوم التالي دعى كتّاب الملك ، وكان اليوم الثالث عشر من الشهر الاول وكتب حسب كل ما امر به هامان الى نوا الملك في الاقاليم والبلدان: كل شعب ككتابته وكل امة كلسانها. كتب باسم زركسيس وختم بخاتم الملك. وارسلت الكتابات بيد السعاة الى كل البلاد لاهلاك وابادة جميع شعبي من الغلام الى الشيخ والاطفال والنساء في يوم واحد هو اليوم الثالث عشر من الشهر الثاني عشر اي شهر اذار وان ينهبوا غنيمتهم.
ارسلت صورة الكتابة الى جميع الشعوب ليكونوا مستعدين لهذا اليوم. فخرج السعاة وامر الملك يحثهم. واعطى الامر في شوشن القصر، وجلس الملك وهامان للشرب واما اليهود بالمدينة شوشن كان بينهم اضطراب عظيم.