في احد الايام كان هناك رجل يعمل في حقل مجاور للكوخ الذي شيده من جذوع الاشجار.. وكان لهذا الرجل ثلاثة من الابناء. وفجأة ظهر الخطر! نعم كان هناك الكثير من الاخطار في تلك الايام من استيطان قارة امريكا الشمالية.. فالمنطقة كانت محاطة بغابات كثيفة.. وفي تلك الغابات كان يعيش الهنود الحمر.. بعضهم اصدقاء، واكثرهم اعداء..
-1-
الهنود الحمر
انطلقت رصاصة .. وسقط الاب ميتا.. وصاح احد الابناء:
– الهنود.. الهنود الحمر!
واندفع يجري باقصى سرعة لاستدعاء المساعدة من اقرب حامية.. اما الابن الثاني، فقد اندفع بدوره الى داخل الكوخ لاحضار البندقية. ولكنه ما ان استدار ليواجه المهاجمين، حتى رأى احد الهنود الحمر ينقض على اخيه الصغير الذي لا يتجاوز عمره ست سنوات، وحمله بين ذراعيه، وشرع في الهروب به الى داخل الغابة.
وبسرعة صوب الابن الثاني بندقيته تجاه الهندي واطلق النار.. فسقط الهندي على الارض وانفلت الغلام الصغير هاربا تجاه الكوخ. وانضم الى اخيه في مواجهة الهجوم حتى وصلت الحامية القريبة.
اما الصبي الصغير .. فقد كان اسمه “توماس”. وهو الذي اصبح فيما بعد ابا لابراهام لنكولن..
-2-
الحياة الامريكية في الماضي
ومبدأ قصتنا هذه في ولاية “كنتاكي” بعد سنوات قليلة من بداية اتحاد الولايات الامريكية مع بعضها. وكان المهاجرون الوافدون من اوربا يستقرون في البداية في الجانب الشرقي لامريكا المطل على المحيط الاطلنطي.. اما الشجعان منهم فقد كانوا يتجهون صوب الغرب.. حيث الحيوانات المفترسة والهنود الحمر والجبال والوديان الخصيبة والغابات الكثيفة والسهول الشاسعة.
وكان بعض جماعات الهنود الحمر يرحب بهؤلاء الوافدين الاوربيين، ويقدمون لهم العون والمساعدة ، بينما كانت هناك جماعات اخرى من الهنود الحمر تهاجم هؤلاء الوافدين لمنعهم من الاقامة في تلك الاراضي.
ولكن اغلب هؤلاء الوافدين الشجعان تمسكوا بالارض.. وكانوا يشيدون بيوتهم واكواخهم من جذوع الاشجار، ويبدأوا في زراعة الارض بمختلف المحاصيل.
وبمرور الوقت تدفق وافدون جدد، وتعاون الجميع في انشاء الطرق واقامة القرى والمدن الصغيرة.. وكلما وفد مهاجرون جدد كلما اتسع نطاق التقدم نحو الغرب بحثا عن الاراضي الجديدة الصالحة للزراعة.. وهكذا رويدا رويدا عمرت البلاد حتى شواطئ المحيط الهادئ في اقصى غرب امريكا.
ولم يذهب توماس لنكولن الى مدرسة. والى ان تزوج كان لا يعرف القراءة ولا الكتابة. ولكن زوجته التي كانت على معرفة قليلة بمبادئ القراءة والكتابة استطاعت ان تعلمه كيف يكتب اسمه.
وكان الزوجان يعيشان في كوخ بسيط مشيد بجذوع الاشجار، في قرية صغيرة بولاية كنتاكي. وفي هذا الكوخ ولد لهما طفلان ، الاول كان بنتا اسمياها “سارة” اما الثاني فكان ولدا اسمياه “ابراهام”.
-3-
البيت والمدرسة
وكان الطفل ابراهام لا يجد شيئا يعمله سوى اللعب مع اخته سارة ، جوار الكوخ او في الحقل او عند اطراف الغابة. وكان هذا الكوخ يتكون من غرفة واحدة تعيش فيها الاسرة كلها. ولم يكن هناك سوى باب واحد ونافذة واحدة.
وعندما وصل ابراهام الى سن السابعة.. كان عليه ان يسير على قدميه نحو اربعة اميال كل يوم ليذهب الى اقرب مدرسة.
كانت مدرسته مشيدة هي الاخرى بجذوع الاشجار.. وتتكون من غرفة واحدة لها باب واحد وبدون نوافذ وارضيتها مغطاة بالقذارة. وكانت تضج باصوات الاولاد والبنات الذين يحفظون دروسهم قبل ان يستظهروها للمدرس.. وكانت اصوات كل هؤلاء تختلط مع بعضها : ا ب ت .. اثنان واثنان اربعة.. الخ.
وكان توماس لينكولن غير قانع بالحياة في ولاية كنتاكي. فقد كانت الارض التي يزرعها ذات مساحة محدودة وتربتها فقيرة.. وكان يأمل في ان يجد ارضا اوسع مساحة واكثر خصوبة. لذا فقد رحل باسرته نحو الغرب حيث توجد مساحات هائلة تصلح للزراعة.
وعاون ابراهام اباه في اعداد قارب مسطح صنعاه من جذوع الاشجار. ووضعا عليه كل ما كانت تملكه الاسرة من الاثاث الذي لا يتعدى بعض المقاعد ومنضدة .. وعندما وصلت الاسرة الى الارض الجديدة كان عليهم ان يسرعوا في تشييد مأوى يحميهم من عواصف الشتاء التي اوشكت ان تهب.. وهكذا كان واستقرت الاسرة في كوخ صغير ريثما يمكنهم بناء كوخ اكبر.