مسرحية : وتشهدون لي

مشهد 1:

(ترنيمة): من كل الامم

الراوي: “كن امينا الى الموت فسأعطيك اكليل الحياة”(رؤ2: 10)

اريتاس: ان الوالي شديد القسوة. لقد كان الحكم على اغناطيوس سريعا. وغدا سيقدم طعاما للاسود في ساحة الكوليزيوم.

فليمون: اعتقد انه سيكون استعراض مهيب.

اريتاس: سيكون مزدحما كالعادة بجموع الرومانيين المتعطشة للدماء.

فليمون : هذا سيحدث لو سارت الامور في نفس التتابع المقيت بالطريقة المعهودة.

الراوي: وتتكرر نفس مناظر الدماء والعذاب. و ها هو اغناطيوس بطل هذا اليوم ينال تهليل الجماهير. كان معروفا ان هناك جماعة من المسيحيين محفوظون الى نهاية العرض. والان اخذت الجماهير تطالب بظهور هؤلاء بدون صبر.

 

المشهد 2:

(يقف لوكيوس الوزير بين اثنين من الحرس بقرب كرسي الامبراطور دقلديانوس، و يبدو عليه التفكير العميق).

لوكيوس: عفوا ، سيدي الامبراطور. لقد استدعيتني!

الامبراطور : نعم، ان شجاعة المسيحيون تثير ذهولي!

لوكيوس: نعم، سيدي! انهم الان يملاون سراديب روما. ويقيمون اجتماعات الصلاة والتسبيح في السراديب. لانهم اذ انقطعوا من كل اهتمام عالمي اتجهوا الى اهتمام اخر اعلى. ولانهم انقطعوا عن اهتمامات الجسد فاجتهدوا بالاكثر ليكون شغلهم الشاغل هو الاهتمام بالروح. وحصلوا على ما يريدون. وفقدت الارض جاذبيتها ولم يعودوا يعبأون بهمومها او ينخدعون بشهواتها وغرور الغنى او الجاه او المنصب.

الامبراطور : ولكن ما العمل؟

لوكيوس: يجب ان نقاوم هذا الايمان الجديد. انه يثير غضب الالهة.

الامبراطور : نعم يجب ذلك. (يضرب بقبضة يده)

الامبراطور : احضروا الكاتب:

امرنا نحن دقلديانوس ان يبخر كل سكان الامبراطورية للاله ابولون. وتغلق الكنائس وتحرق الكتب المقدسة. ومن لا يطيع اوامرنا يحكم عليه بالموت.

 

المشهد 3:

(امونيوس يصلي في السجن ويزوره صديقه فليمون)

فليمون: ما معنى  تلك العبارة التي قلتها في صلاتك “الذي احبننا بدمه طهرنا”؟

امونيوس: اني احس اني تسببت في موت القدوس. وهو اتى من اجلي وحين مات على الصليب فقد محى كل ذنوبي وطهرني من خطاياي. فقد قال في الانجيل “دم يسوع ابنه يطهرنا من كل خطية”.

فليمون : ارجوك قل لي المزيد من كلمة الحياة.

امونيوس: قال يسوع “انا هو القيامة والحياة.. انا اعطي العطشان من ينبوع الحياة مجانا.. انا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة.. انا هو خبز الحياة من ياكلني يحيا بي. من يحبني يحفظ وصاياي ويحبه ابي واليه ناتي وعنده نصنع منزلا”

فليمون: ان هذه كلمة الله. انها صوت الله لي. لقد زالت الغشاوة عني الان. اني اؤمن الان ان حياتي كلها فيها. لكن ماذا اصنع لكي اخلص؟

امونيوس: امن بالرب يسوع فتخلص.

فليمون: هل توجد ذبيحة اقدمها؟

امونيوس: ان الرب يسوع قدم نفسه فداءا عن البشر. ودمه يطهرنا من كل خطية.

(ترنيمة): الى الذي احبنا بدمه طهرنا

له المجد والسلطان الى ابد الاباد امين.

 

المشهد 4:

(فليمون المسيحي وصديقه الوثني اريتاس يقفان امام قبر الشهيد امونيوس)

فليمون: انظر هنا يرقد شاهد للحق.

اريتاس (يقرا): هنا يرقد امونيوس الشهيد الشجاع في سلام. بعد عذابات كثيرة. عاش 38 سنة وقام بتكفين جسده الارخن المبجل يوليوس الاقفهصي.

فليمون : الشهداء اعتقدوا انهم ينتقلون الى الحياة اكثر من كونهم يقاسون الموت. كما اباد المسيح الموت بالموت، وبوسائل بشرية ابطل كل ما للانسان من ضعفات. هكذا ايضا نزع خوفنا، واعطى الناس الا يعودوا يخافون الموت فيما بعد.

اريتاس: لكن ما هذه السمكة؟

فليمون : انها رمز .

اريتاس: رمز الى ماذا؟

فليمون : ان كلمة السمكة من خمسة حروف. كل حرف منها يمثل الحرف الاول من هذه العبارة “يسوع المسيح ابن الله مخلص”

اريتاس : وما هذين الحرفين؟

فليمون : الالفا والاوميجا. قال الرب يسوع “ان هو الالف والياء. البداية والنهاية. الاول والاخر”.

اريتاس: هنا سكن المسيحيون المضطهدون وعاشوا باعداد كبيرة في هذه السراديب. يجتمعون في النهار لتبادل كلمات التحية والتعزية او ليتناقلوا خبر موت شهيد جديد. وفي الليل يرسلون البعض لمعرفة اخبار العالم العلوي او ليحضروا اجساد الشهداء المخضبة بالدم.

فليمون: برغم استشهاد عشرات الالاف من المسيحيين الا ان قوة المسيحية لم تضعف. فدماء الشهداء بذار للايمان.

اريتاس: ان الثبات في الاضطهاد يحتاج الى قوة تفوق قوة الانسان.

فليمون: بالفعل فقد قال السيد المسيح “في العالم سيكون لكم ضيق. لكن ثقوا انا قد غلبت العالم”.

اريتاس: الامر يحتاج الى ايمان قوي بالمسيح.

فليمون: ان المسيح يسكن في المؤمنين. ويعطيهم نعمة سمائية وقوة الهية. نعم واعظم من هذا كله انهم ينتظرون ذلك اليوم الذي ياتي فيه مخلصهم، حيث يقوم الاموات ويتغير الاحياء ليلبسوا اجسادا ممجدة. احتقارهم للخطر والموت اعطاهم شجاعة، فكانوا يزورون اخوتهم في السجن. ويكتبون سيرهم. ويدونون اقوالهم اثناء المحاكمة ويهتمون باجسادهم بعد الموت.

وهل هذا كان يمثل خطرا جسيما على من يقوم به؟

فليمون كان عملا خطيرا ولكنه ليس الى حد بعيد، فقد كان اتمام ذلك يربح الجنود من الاموال التي تدفع كرشوة لهم. كما ان ذلك تغاضت عنه السلطات لانه لا يضيرها في شئ.

(ترنيمة): من يغلب سوف اعطيه ان ياكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله.

وغلب الابرار بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت.

 

المشهد 5:

(همهمة بين الجمهور، و يدفعون الى داخل ساحة الاستشهاد شيخ ذي وجه وقور ونوراني).

بوليكاربوس: (يضم ذراعيه ويرفع عينيه الى فوق وييصلي):

(يلف النمر دائريا حوله ، يبدو انه لا يوجد عند النمر رغبة لمهاجمة الشيخ الذي استمر في صلاته).

(في الخلفية صوت عميق ومخيف):

“حتى متى ايها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الارض”.

( نفس الصوت يرن بتأكيد مروع):

“انظروا! انه سيأتي على السحاب.. وستراه كل عين.. والذين طعنوه. وتنوح عليه كل قبائل الارض.. نعم هكذا! امين. انك بار ايها الرب، الكائن والذي كان والذي سيكون، لانك حكمت هكذا. لانهم سفكوا دماء قديسين وانبياء وانت اعطيتهم دماء ليشربوا لانهم مستحقون. نعم هكذا ايها الرب الاله القدير حق وعادلة هي احكامك!”

(صيحات وصراخ):

انه مسيحي. انه مسيحي.

الملك: اطعنوه بالحراب.

(احد الجنود يطعنه )

انظروا ان دمائه اطفات النار.

(يستمر الصوت): الويل ! الويل ! الويل لساكني الارض.

يقف الشيخ ليصلي ويغطي وجهه نور سماوي.

بوليكاربوس: ايها الرب يسوع في يديك استودع روحي.

(الصوت)

“اين شوكتك يا موت. اين غلبتك يا هاوية”؟

 

 

 

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s