قصة واقعية
في الاسبوع الاخير من شهر يناير عام 1983 هبت عاصفة ثلجية على الولايات المتحدة لم تشهدها منذ عام 1800 حتى انه وصلت درجة الحرارة في احدى الولايات الى 30 تحت الصفر (مينسوتا)، و 33 تحت الصفر (ميامي).
وفي وسط هيجان الطبيعة الثائرة، التي لا تفرق بين انسان وانسان ولا تهب النجدة لضحاياها ولو استغاثوا لالاف المرات، اذا بنموذج فريد للايمان المسيحي يتقدم معلنا ان الانسان يستطيع بالنعمة “البذل حتى الموت” التي دخلت الى عالمنا بصليب المسيح، يستطيع ان يواجه قسوة الطبيعة وجمودها، فيهب الحياة حيث الموت، والرجاء حيث الياس.
هذا حدث فعلا في طائرة بوينج 737 التي كانت تحلق في اجواء واشنطن في رابعة النهار، وفوق جسر يمر في نهر بوتوماك في قلب واشنطن، وفي ذروة ازدحام المرور. وكان ركاب الطائرة الثمانية والسبعون يجلسون.
واذا بركام الجليد يتكائر فوق جناحي الطائرة وذيلها فيخل توازنها وتهوى من عل لتسقط في نهر جمجمد بسبب البرودة الشديدة. ويهرع الركاب محاولين النجاة ولكن دون جدوى. الا ستة ركاب استطاعوا ان يتشبثوا بذيل الطائرة الذي ظل بارزا وسط النهر المتجمد.
وتهرع سيارات الاسعاف والشرطة، وتطير الى مكان الحادث طائرة هليكوبتر تلقي بحبل الانقاذ المعلق باخره طوق نجاة، تلقي به على اول الركاب الستة الذين اصبحوا قاب قوسين او ادنى من الموت، والجليد من حولهم يضغط على اطرافهم ويلفح وجوههم بقسوة بالغة، ويسرد “وندسور” سائق المروحية والذي القى بالحبل على هذا الراكب “كان الرجل الذي القيت اليه الحبل يقظا واعيا كل الوعي.. لقد ازاح الرجل الحبل لرفيقه الذي بجانبه والمتشبث بيأس هو الاخر بذيل الطائرة الغريقة، ازاحه لكي يقتنص هذا فرصة النجاة اولا بدلا منه!”..
وصعد الراكب الاول المنقذ وانزل رجل الانقاذ الحبل ثانية لنفس الراكب الذي يصارع الموت فازاح الحبل ثانية لراكب اخر وانقذ الراكب الثاني.. وكلما ينزل الحبل اليه يزيحه هذا المجهول الذي يناهز الخمسين من عمره الى رفيقه.. الى ان انقذ الركاب الخمسة واخيرا وحينما تدلى الحبل للمرة السادسة كان الراكب الباذل قد اختفى وسط الجليد!!
واختفت اسماء الركاب الخمسة من ذاكرة التاريخ وبقى هذا الرجل المجهول الهوية والذي لقب في الصحف الامريكية بالرجل العالمي. وقيل عنه انه بينما الطبيعة الصماء تعمل بقسوة ولا تفرق بين مستحق وبرئ، تعامل هذا الانسان معها على اساس قانون الايمان المحي في يسوع المسيح الذي مات ليحيا الجميع.