ناتالي

قصة واقعية تبين معنى: الشفاعة والكفارة

هي عام 1919 – وابان الحرب الاهلية التي كانت مشتعلة في روسيا، وحينما كانت المدن تتساقط الواحدة اثر الاخرى في يد الجيش الاحمر ولمدة 3 سنوات، كانت هناك سيدة ومعها طفلاها الصغيران، وكان يتعقبها الشيوعيون في مدينة سقطت اخيرا، وذلك لان زوجها كان يتبع المعسكر المعارض.

فلكي تنقذ حياتها وحياة طفليها، اختبات في كوخ على اطراف، وكانت تامل ان تحين لها فرصة الهرب الى مكان اخر.

وفي اليوم التالي وعندما اقبل المساء، اذ بسيدة شابة في مثل سنها تقريبا، واسمها ناتالي تقرع الباب. فلما فتحت والذعر يملا قلبها – وجدت نفسها امام سيدة شابة تقول لها ما اذا كانت هي السيدة “فلانة“. اجابت بالايجاب. فقالت لها الزائرة الغريبة: “يجب ان تهربي على الفور لان المكان قد اصبح معروفا، وسوف يقبض عليك الليلة وتقتلي رميا بالرصاص“.

فردت السيدة : “وكيف هذا؟ سوف يتعقبوننا، ولن يمكننا الذهاب بعيدا“.

اما السيدة الشابة – التي لم تكن سوى احدى جاراتها – ردت عليها “يمكنك ذلك، لانني ساظل هنا، وساطلق على نفسك اسمك“.

فقالت الام: “ولكنهم سيعدمونك رميا بالرصاص“.

فاجابها قائلة: “نعم – وانا من اجل ذلك اتيت. لان ليس عندي اطفال مثلك“.

ثم انها بقيت في الشقة بعد ان غادرتها الاخرى هي وطفلاها.

ويمكننا ان نتصور ماذا كان يحدث حينئذ. يمكننا ان نرى الليل زاحفا بظلامه وكابته وبرودته على هذا البيت الريفي الصغير المهجور. يمكننا ان نرى سيدة شابة في انتظار حكم الموت. ويمكننا ان نتذكر بستان جثسيماني.

اذا رجعنا الى الانجيل لراينا للمثل الاول لهذه المراة العظيمة.

فانه منذ الفي عام تقدم انسان في مقتبل العمر منتظرا حكم الموت. اسمه يسوع. في البستان يلفه الظلام. لم يكن هناك من جريمة او خطية اتاها ليقتل من اجلها.. لا.. لقد كان ينتظر ان يموت فداءا عن اخرين.. لقد اتى الموت ليمسك برئيس الحياة..

لقد وقفت ناتالي في موقف المسيح ، وهو الموقف الذي لابد لنا جميعا ان نقفه.. حيث ينادينا المسيح ان نقف مثله ومعه في قلب معاناة الانسان ولكن بايمان لا يتزعزع وفي ثقة كاملة بنصرته على الموت.

عن كتاب “الله والانسان” لنيافة اﻻنبا انتوني، 1974.