قلت لها: لقد سمعت عنك منذ كنت طفلا. حدثني عنك ابي وامي وجدتي. قالوا لي ان اسمك غزالة ولك اسم اخر هو طابيثا. وبعد ذلك سمعت ان لك اسما اخر. انه دوركاس. ولقد حاولت ان اعرف شيئا اخر عن نشأتك ولكن لم اصل الى معلومات تستند الى وثائق مؤكدة!
وقالت غزالة: ولماذا تشغل فكرك بامور ليست جوهرية. الا تكفيك القصة التي وردت بالكتاب المقدس؟
قلت لها: ان هذه الكلمات هي نفس الكلمات التي اسمعها عن كل من احكي عنهم ولكنك تعرفين فضول الناس!.
قالت: اظن انك تنتظر مني وانا امراة ان اكون فضولية فاسالك عما سمعته عني خارج القصة الكتابية.
قلت نعم. على ان تخبريني الصحيح من الباطل فيما سمعت.
فابتسمت وقالت: لست اظن اني في حل ان اشبع فضولك في هذا الامر. وعلى كل ارجو ان تؤجل الجواب الى ما بعد سماع كلامك.
قلت: لقد عرفت انك نشأت في بيت يهودي. وقد تزوجت شابا نزح من يافا ولم يكن غنيا ولكنه جعل يكدح في التجارة على انه قبل ان يبتسم الحظ له مات، وتركك في اسوا حالة لا مال ولا رجل كما يقولون ولكنه لم يتركك وحيدة لقد تركك مع المسيح فقد امنتما بالمسيح عن طريق بعض المؤمنين الذين تشتتوا جراء الضيق الذي حدث بعد استشهاد استفانوس. غير ان البعض يقولون انك لم تقبلي المسيح الا بعد موت زوجك – وقال غيرهم انك لم تكوني متزوجة اصلك وجميع اهلك قتلوا اثناء الاضطهاد.
هكذا ترين ان الاقوال تضاربت في امر نشأتك، ولكن الجميع اتفقوا انك كنت ممن اوائل الذين قبلوا المسيح في كنيسة يافا.
ونظرت الى غزالة مستطلعا فقالت:
نعم انا اوافقك على اني كنت من اوائل تلاميذ المسيح في كنيستنا الصغيرة. واظن ان هذا هو الامر الاساسي الذي يجدر بك ان تهتم به، وكذلك لا انكر اني لم اكن املك مالا، ولكني لم اكن فقيرة، كان عندي غنى المسيح.
ولقد اشار البعض عليّ ان الجأ
الى الكنيسة لتقدم لي من صندوق الفقراء ما يقوم باودي ولكني رفضت. لماذا اطلب ان اخذ من مال الفقراء وانا غنية. عندي صحتي وعندي تدريب الخياطة. ان الشغل شريف اي شغل. لا يوجد شغل يعتبر عارا الا ما يمتزج بالخطية. انني استطيع ان اغسل واكنس واطبخ واستطيع ان اخيط الثياب. واستطعت ان اجد لقمتي مغموسة بالعرق لكنها كانت لقمة حلوة!
ويسرك ان تعلم ان دائرة شغلي اتسعت حتى وجد عندي فائض استطعت ان اقدم منه شيئا لصندوق الاحسان. وقد اندهش الاخوة من ذلك. وحاولوا ان يردوا تقدمتي لكني افهمتهم ان تقدمتي الصغيرة هي للمسيح. وكان جراء ذلك ان عينوني عضوا في لجنة الاحسان.
قلت: انه امر يسر ان يكون للمراة نصيب في خدمة المسيح وفي تدبير امورها.
وقلت: هل يسرك هذا فعلا؟ الا تنادي بان خروج المراة للعمل والخدمة خروجا عن التقاليد؟
قلت: نعم ان البعض يقولون ان المراة لا يجوز ان تشترك في الاعمال العامة وبالاكثر في الاعمال الكنسية مستندين على اقوال الرسول بولس بوجوب صمت المراة اطلاقا في الكنيسة!
قالت: ولكن بولس نفسه الم يقل انه في المسيح يسوع ليس ذكر ولا انثى . ان المبدا العام الذي لا يجوز ان يتغير هو المساواة الكاملة في المسيح. اما التنظيمات الكنسية التي تنبع من صميم البيئة التي يعيش فيها القوم فتتبع تقاليد المجتمع حتى لا نعثر الاخرين. ثم قالت: انا ارى ان تكون الكنيسة سباقة في تشغيل المراة. حرام ان يمنع نصف المجتمع عن العمل بحجة ان بولس قال وصية لزمن خاص ولكنيسة خاصة.
قلت: لقد ذكر الكتاب انك كنت ممتلئة اعمالا حسنة وصدقات تصنعينها لفقراء. وانا ارجو انك توضحين هذا الامر.
قالت: انني لا اتذكر كيف بدأ الامر. اظن انني بعد ان فرغت من خياطة بعض الثياب لي وجدت شيئا فائضا من الاقمشة وصنعت منها اقمصة اعطيتها للاولاد الجيران الفقراء. كنت لا اعتقد ان هذا شئ هام لكني اكتشفت بركة ذلك للاولاد الفقراء. وهنا خطر ببالي كما بالهام لماذا لا اخيط ثياب للفقراء. كان المشروع اكبر مني. ان عدد الفقراء كبير جدا والشتاء قارس البرد. الحاجة ماسة الى اكثر من يد.
تحدثت مع عدد من النساء فاشتركنا في شراء لفة من القماش الرخيص المتين وقامت كل واحدة منا بخياطة قميص. وسمعت اخريات فجئن.
وهكذا تألفت :جمعية طابيثا”. كنت اسهر الى منتصف الليل احيانا في العمل..
قاطعتها قائلا: اظن انك ارهقت نفسك بالعمل حتى ضعف جسمك وهذا سبب وفاتك.
اجابت: اوه لست اظن ان سبب ضعفي هو كثرة العمل او قلة الطعام. ان العمل بركة خصوصا في حقل الخدمة. وانا لم اقلل من طعامي الى حد الجوع. على اني احسست في احد الايام بضعف مفاجئ. لم استطع ان اترك فراشي. كنت احس ان جسدي كله يتألم لكني كنت في غاية الابتهاج. ثم كان احد الايام شعرت فيها بخدر لذيذ. كنت احس اني اتمتع بنوم هادئ.. ضاعت كل الامي!
اصبحت لا احس بشئ من الوجع. امتلات سعادة لا استطيع ان اصفها لك. وبعد ذلك لم ادر بشئ.
استيقظت من نومي الحلو الذي قيل لي انه امتد يومان استيقظت فوجدت غرفتي مملوءة من النساء والرجال. كانوا يبكون وكانوا يضحون! في وقت واحد! وقد انهالت النساء عليّ تقبيلا وهن يتهللن بابتهاج.
كان المنظر غرريبا فسألت عن حقيقة الامر.
قلت لهن: هل استغرقت في نوم طويل؟. فقلن لي: انه لم يكن نعاسا.. ثم حاولن الا يحدثنني عن الامر ولكني الححت عليهن فقالت لي احدى السيدات: لقد كنت ساهرة معك عندما مرضت وفي ليلة سمعت صوتا غريبا وحشرجة تخرج من صدرك ثم اسلمت الروح.
قاطعتها: لا اني لم امت. ان ما تقوليننه ليس صحيحا. لقد سمعت منذ يوم ولادتي ان الموت مؤلم. انه اشبه بمرور الحرير على الشوك. اما انا فكنت اتجه في خدر لذيذ نحو النوم. النوم وليس الموت. هل تريدون برهانا على اني لم امت اكثر من وجودي معكم في الحياة اتحدث؟
فاجابوا (الرجال والنساء): ان الامر اكثر من ذلك. ان بيننا المعمرات الاتي اغمضن عيون الكثيرين من الذين اسلموا الروح. هن يميزن بين النوم والموت. لقد مت وشبعت موتا. وقد اخبرنا البعض ان بطرس في زيارة الى مدينة لدة القريبة منا. فارسلنا اليه ان يبادر لاقامة خدمة التجنيز. لم يستطع بالطبع ان ياتي في نفس اليوم فجاء في اليوم التالي. جاء في الصباح فوجد المكان مزدحما بنا وبالارامل وهن يولولن ويرينه اقمصة مما كنت تعملين وانت معنا.
وتاثر الرسول جدا وفاضت عيناه بالدموع ثم التفت الينا وامرنا ان نتركه فخرجنا كلنا.
قالت: سمعت صوتا يقول لي “طابيثا قومي” ففتحت عيناي وابصرت رجلا واقفا الى جانبي علمت فيما بعد انه بطرس. في الاول خجلت من نفسي اذ كيف يبصرني رجل وانا مضجعة فجلست على السرير وحاولت ان اقوم فلم استطع فامسك بيدي واقامني ثم نادى القارامل الذين حين راونني احتاطوا بي.
وتهيات لاسال اسئلة كثيرة، ولكن طابيثا التفتت الي وقالت: كلا لا استطيع ان افيدك بشئ عن الفترة بين نومي ويقظتي..