طلاق مبارك!

في السجن تعلمت الدرس، وعرفت السبب وراء هذه الكوارث والمصائب التي حلت بي. هي قرينتي، لقد سلمتها نفسي تسليما كاملا لكني ادركت انني سلمت نفسي لوحش مفترس مزق لحمي، وسحق عظامي، وحطم كياني، وشوه منظري وجمالي، وبسببها اجتزت احلك ايام الحياة.
“عرفت ان ما وصلت اليه من عار ودمار كرجعه الاول والاخير هو قرينتي التي اخلصت في حبي لها فدمرت حياتي.
اه، فمن يوم عرفتها ضاع معنى الطموح من حياتي، ولم يعد للنجاح اي مكان في مخططي، وعرفت معنى الاهمال والتهاون واللامبالاة، والفشل. منذ بدأت اسير معها ضاع طريقي، واختفت الاهداف الكبار من امامي، اصبحت جسدا يستعر في نار الشهوات، حياتي مزقتها انياب القلق، عضت بي الالم، واذلني الفراغ، صارت لي دموعي طعاما، كرهت الحياة واحسست ان اعين الناس تنظر اليّ باحتقار واكثر من هذا كنت ساخسر ابديتي. لكن شكرا لله فقد استطعت بمعونته ونعمته وبمساعدة احد القسوس الذي كان دائما يزورني في السجن ويسال عني ان اطلقها.. نعم طلقتها، وامتلات كرها لها..
وهنا امتلات دهشة واخذت اسال صديقي:
“كيف طلقتها؟ .. وهل يوجد طلاق في المسيحية؟ ومن هو القسيس الذي يشجع على الطلاق؟ . مهما كانت الظروف..
وعندئذ اداب صديقي:
مهلا، لا تنفعل هكذا.. هل تعرف من هي قرينتي التي طلقتها؟
قلت له:
لا اعرف، من هي؟
قال وابتسامة عريضة تملا شفتيه: قرينتي التي طلقتها هي الخطية فما رايك؟
وهنا شاركته الابتسامة مهنئا اياه وبلهجة سريعة قلت: اخبرني كيف طلقتها؟
اجابني: عندما دخلت السجن كنت اعاني من الادمان وعذابه، وفي المستشفى الخاص بالسجن تم علاجي بعد معاناة وصراع مع نوبات الم الاقلاع عن الادمان.. وهكذا كل من يرد ان يتمتع بنعمة الشفاء عليه ان يتحمل مرارة الدواء.
وفي الاجتماع الخاص بالصلاة الذي كان يعقد للمسجونين نلت نعمة الشفاء من مرض الخطية.
ففي يوم من الايام جلس معي القسيس جلسة خاصة واخذ يكلمني عن محبة الله وخلاصه.. وعملت كلمة الله في قلبي.. كان ذلك اليوم بمثابة يوم ميلاد جديد – اليوم الذي فتحت قلبي فيه لنعمة الرب. لا انسى مهما امتدت بي الايام هذه المرحلة الحاسمة وهذا القرار المصيري – اعظم قرار حوّل مصيري من الجحيم الى النعيم، قرار طلاق قرينتي الخطية.
وعندئذ فقط وضعت حدا ونهاية لالامي عند قدمي من تالم لاجلي.
قلت له: ما اعجب قصتك انها قريبة الى الخيال منها الى الواقع.
اجابني: ان قصتي مع الخطية تتكرر كل يومفي حياة الكثيرين بصور مختلفة وتفاصيل متنوعة، وقد كنت انا احد ضحاياها.
كيف لا ! الم تقرا عن مارادونا نجم الطرة العالمي وقد وصل الى قمة المجد والنجاح والشهرة والثروة. لكن الخطية دمرته وحطمته ونزلت به الى اوحال الادمان والضياع! . وغيره الكثيرين.. فمكتوب الخطية جرحت الكثيرين جرحي وكل قتلاها اقوياء”.
واستطرد صديقي في استكمال قصته:
المهم انه لم يمر زمن طويل بالسجن حتى صدر عفو عام عن الذين اكضوا نصف المدة ومشهود لهم بحسن السير والسلوك، فكنت احد الذين شملهم العفو، وكم كانت فرحتي وانا استمع لهذا الخبر – من السجن الى الحرية. انا اليوم انسان جديد في المسيح.
وهنا احتضنته بشدة وقلت مهنئا بابتسامة عريضة: تهانئي القلبية بهذا الطلاق المبارك!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s