
الحياة بعد الموت:
في رحم الأم كان هناك طفلان، سأل أحدهم الآخر: “هل تؤمن بأن هناك حياة بعد انتهاء أيامنا هنا؟” أجاب الآخر: “لماذاتسأل، بالتأكيد يجب أن يكون هناك شيء بعد أن تنتهي أيامنا هنا. وربما نحن هنا لنعد أنفسنا لما ستكون عليه الحياة بعد أن تنتهي أيامنا هنا”.
فأجاب الأول: “كلامك كله تخاريف، لا أظن أن هناك حياة بعد أن تنتهي أيامنا هنا. لأنه إذا كانت هناك حياة بعد أن تنتهي أيامنا هنا فكيف سيكون شكلها؟”، قال الثاني: “لا أعرف، ولكن أظن أنه سيكون هناك المزيد من النور أكثر مما هنا، وربما نسير بأرجلنا ونأكل بأفواهنا. وربما سيكون لدينا حواس أخرى لا يمكننا فهمها الآن”.
أجاب الأول: “هذا غير معقول، المشي على الأرجل أمر مستحيل. وتناول الطعام من أفواهنا غير منطقي لأن الحبل السري يوفر لنا كل التغذية وكل ما نحتاجه. وأيضاً الحبل السري قصير جدا. فلن يسمح لنا بالتحرك من مكان لمكان أو إستخدام أرجلنا، فكرة الحياة بعد أن تنتهي أيامنا هنا غير منطقية أبداً”. فرد الثاني: “ماشي… لكن، أعتقد أن هناك شيئًا وربما يكون مختلفاً عن ما نظنه منطقي هنا. ربما لن نحتاج إلى هذا الحبل السري أصلاً”.
أجاب الأول: “ده العبط بعينه، خليني أقولك حاجة تانية، لنفترض أن هناك حياة أخرى بعد أن تنتهي أيامنا هنا لماذا لم يرجع شخص من الذين ولدوا وجاء إلى هنا ليخبرنا بهذا الكلام؟ وما شكل الحياة بعد أن تنتهي أيامنا هنا؟ أنا أظن أنه بعد أن تنتهي أيامنا هنا لا يوجد إلا الظلام والصمت والنسيان”.
قال الثاني: “أوك، لا أعرف كيف أفسر، لكن بالتأكيد سنلتقي مع الأم وستعتني هي بنا بعد الولادة”. أجاب الأول: “هههه الأم؟ هل تؤمن فعلا بوجود الأم؟ هذا شئ مضحك! إذا كانت الأم موجودة فعلاً فأين هي الآن؟”. قال الثاني: “هي حولنا. نحن محاطون بها. نحن منها. ونعيش فيها. وبدونها لا يمكن أن نعيش، وبدونها لا يمكن لهذا العالم المحيط بنا أن يوجد”.
قال الأول: “حسنًا ، لكني لا أراها! فمن المنطقي أن تكون غير موجودة، فبالمنطق لا يوجد دليل على وجودها”. أجاب الثاني: “في بعض الأحيان، عندما تكون في صمت وتركيز قد تسمع، ويمكنك أن تدرك وجودها، ويمكنك سماع صوتها المحب، فأحيانا أشعر دقات قلبها تتحد بدقات قلبي”.
أرجوك صلي معي: يارب افتح عيون الإيمان فيَّ فأدرك أن سر وجودي ومصدر حياتي، وافتح حواسي الروحية لأستطيع أن أسمع نبضات قلبك وهمسات حبك، وأدرك أن حياتنا هنا هي إعداد للأبدية التي سنقضيها معك، وأننا سننطلق من رحم الحياة إلى رحابة الأبدية.
هذا النص ترجمه الكاتب اليوناني السوري “ديمتري افيرينوس Dimitri Avghérinos عن نص يوناني لكاتب مجهول وقد أضفت إليه بعض اللمسات.
د. القس عزت شاكر