اﻻكتشاف العظيم

انها ليلة تحيطها الاسرار.. ليلة في الصحراء.. ليلة يسمع فيها عواء الذئب المتقطع. تظهر قافلة اتية من خلال الشجيرات عبر الكثبان الرملية. يقود القافلة رجلان عربيان مسلحان بالمسدسات بسبب الحالة المتقلبة بين القبائل البدوية في المنطقة، والى الخلف يتبع شخص اوربي القائدين عن كثب.
فجأة يسمع ازيز الرصاص.. لقد دخلت القفلة منطقة نزاع بين اهل البادية واصبحوا عرضة للنيران. فيقفز الرجال وكل يده على مسدسه، ويقبض الاوربي على زناد بندقيته ذات الفوهة المزدوجة.
يزحف الرجال على الارض، ثم يعتلون ظهور جمالهم ويندفعون الى الامام بكل سرعة ممكنة! ذلك الاوربي هو الكونت تشندروف من ليبزغ بالمانيا. هل يبحث هذا عن مجازفات في هذه الصحراء الخطرة، في شبه جزيرة سيناء؟
كلا، فلديه هدف واحد: يريد الوصول الى دير جبل سيناء (سانتا كاترينا) لانه سمع بوجود مخطوطات للكتاب المقدس قديمة جدا هناك، فرافق قافلة اتية من مصر.
بالطبع، لقد عثر على النص الاصلي للعهد القديم منذ قرون. وقد عثر على مئات المخطوطات للعهد الجديد وبعضها يعود للقرن الرابع الميلادي. وقد فحصها جميعا تشندروف، اما الان فهو يبحث عن اخرى اقدم من تلك جميعا، واحدة قريبة جدا من النص الاصلي الذي كتبه الرسل.
اراد ان يفحص بعض الكلمات ذات الاهمية. اراد ان يتاكد منها ولم يتوقف عن البحث حتى وجدها.
اخيرا وصل الى الدير ، وارتقى بمصعد الى المدخل الذي بني عاليابهدف جعل الزوار غير المرغوب فيهم بعيدين، وحصل ايضا على اذن من الرهبان بالتنقيب في المكتبة الواسعة.
عممل اسابيع دون ان يعثر على شئ يثير الاهتمام. فهل ستكون هذه الرحلة الشاقة بلا طائل؟
اخرا، وقبل ان يغادر الدير بوقت قصير، وجد في سلة المهملات بعض الرقوق مغطاة بمخطوط انيق ومضبوط اكثر من اي مخطوط اخر شاهده من قبل. كانت هذه النسخة قديمة لدرجة انه استنتج بانها كتبت من النسخات الاصلية للكتاب المقدس مباشرة.
في زيارة لاحقة عام 1859، وبعد بحث جاد بصبر، عثر على القسم المتبقي من هذه النسخة وهو عبارة عن 346 صفحة مخباة في قبو.. فكانت كل صفحة بمثابة كنز.
وهكذا حلنا على ترجمة صادقة تماما للكتاب المقدس. استطاع تشندروف ان ياخذ معه كل شئ، وكان ابرز عمل في حياته ان طبع العهد الجديد كي يعطي لكل فرد فرصة دراسته. وهذا المخطوط يعرف باسم النص السينائي نسبة الى سيناء، ولا يزال معروضا في المتحف البريطاني بلندن الى اليوم.