يوميات وحيد #١٥

مسألة حياة او موت
في اليوم التالي بعد ان اتم اجراءات الاعداد للهجرة. وحالما عاد الى البيت القى بحقيبته على السرير وابدل ثيابه، واخذ يتصفح اسفار الكتاب المقدس. ولم يلبث ان وجد نفسه يقرا كلمات الرب يسوع “احبوا اعداءكم، باركوا ﻻعنيكم، ..” توقف عن القراءة وطوى الكتاب المقدس وراح يفكر: “من يستطيع ان يحب عدوه؟ ان هذه المثالية تفوق ادراكي. وهل حقا في وسع اي واحد ان يحب عدوه؟
غير ان هذه الكلمات ظلت تطن في راسه وكانها اجراس كنيسة تردد الكلمتان: “احبوا اعداءكم” مرارا وتكرارا. وتساءل “هل في وسعي ان احب هذا الفتى الذي ﻻ اعرف عنه شيئا سوى انه ينافسني في حب “هايا”.. اه، ها قد عدت تفكر فيها يا وحيد مع تنك تحاول الهرب من هذا لحب لتبدا حياة جديدة.. انها ليست لك. الم تسمع المثل “كل شئ فسمة ونصيب”. هيا انس كل شئ وانتظر ما سيحمله لك الغد.
احس وحيد بعنف الصراع الناشب بين العقل والعاطفة. وتساءل “هل العقل يحب لعاطفة؟ او هل العاطفة تحب العقل؟ ان كلا منهما يحاول ان يقنعه بخطا ما يوحيه اليه اﻻخر. وهو عليه ان يختار.
واخيرا غمغم لنفسه.
“انا ﻻ اريد العاطفة، وﻻ اريد العقل. اريد فقط ان اكون انا”.
اغمض عينيه وكانه راح في غيبوبة. وخيّل اليه انه يسمع صوتا يخاطبه في اعماقه.
“هذه هي المشكلة. تريد ان تكون انت، فهل تعرف من انت؟”
في تلك اللحظة تذكر ان والده اعتاد ان يصلي كي يلهمه الله ما عليه فعله كلما اراد ان يتخذ موقفا ما. فحدّث نفسه “لماذا ﻻ افعل مثل ابي واصلي”.
صلى وحيد من قلب متوجع غير ان يدري ما ستؤول اليه هذه الصلاة. وانتظر ان يلهمه الله الجواب.
حفّ به صمت مطبق كصمت القبور في ليلة عاصفة.
انقضت 3 ايام وهو غارق في كابته. لم يبق على موعد السفر سوى 4 ايام. وشعر انه كلما اقترب من يوم الهجرة كان شعوره بالغربة يتفاقم.
وبينما يتجول في الشوارع ويتفرج على واجهات المتاجر في مراكز التسوق سمع صوتا من خلفه:
“ماذا تفعل هنا يا جميل؟”
التفت خلفه واذ به يرى خايا برفقة الشاب الذي كانت معه في دار السينما. تطلع وحيد الى الشاب بنظرة حاول ان يواري فيها مشاعر الغضب والغيرة، وبذل جهدا ليتمالك اعصابه فلا يبدي ما يعتلج به قلبه، واجابها:
“تماما كما تفعلين، اتفرج على واجهات المحلات”.
ثم سالها بصوت فيه كثير من الرقة المزيفة:
“الن تقدميني لرفيقك؟”
حدقت به لحظة وكانها تقول له “اتغار؟” ثم اجابت:
انا اسفة. هذا ابن همي رائف جاء لزيارتنا من عمان قبل انتهاء عطلة الصيف”.
ثم التفتت الى ابن عمها وقالت:
هذا السيد وحيد وعمله هو مرشد ياحي”.
فصافح كل منهما اﻻخر.
في لحظة انقشعت سحابة الكابة من محيا وحيد وتهللت اساريره. وكانه يقول لنفسه:
“حتى لو كنت عدوي فانا احبك يا رائف!”.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s