لهدف: لقد متنا لكي نعيش ﻻجله”02كو5: 14 و15)
الشخصيات:
عمدة البلد
ميمي ابن الباشا
الباشا
مندوب الجهادية
يوسف بن عوضين
المنظر:
سراي الباشا باحدى القرى الريفية في مصر عام 1948
المشهد اﻻول:
(يدخل عمدة القرية وهو في حالة انزعاج)
العمدة: يا سعادة الباشا 1 الحق يا سعادة الباشا! الفلاحين كلهم بيصرخوا .. عايزينك تعفو عن اوﻻدهم (وتنجيهم من الموت). اه، هو فين الباشا؟! .. كاك خابط يا عمدة .. واقف تكلم نفسك.. يبقى شكلك ايه دلوقتي قدام الخفر؟ .. اهه، هو فين الخفر؟! انت فين يا سعادة الباشا؟
(يدخل ميمي بن الباشا وهو ولد مدلل وفافي)
ميمي: مين اللي بيزعق في السراي؟
العمدة: ﻻ مؤاخذة يا ميمي بيه. اصلي جاي لسعادة الباشا في موضوع مهم ومستعجل.
ميمي: وانت تطلع مين؟
العمدة: هو سعادتك مش فاكرني؟
ميمي: وافتكرك ليه؟ كنت واحد من الشلة.
العمدة: شلة! شتيمة دي؟ انا العمدة يا ميمي بيه..
ميمي: اه .. ومن زمان وانت في البلد .. عامود؟
العمدة: عامود ايه يا ميمي بيه .. باقول لسعادتك انا العمدة مش عمود .. العمدة بتاع عزبة الباشا.
ميمي: وايه اﻻمر المهم والمستعجل اللي جابك؟
العمدة: ﻻ اعفيني سعادتك .. انا عاوز الباشا بذات نفسه عشان اقوله.
ميمي: مافيش فرق بيني وبين الباشا .. انت نسيت ايه بابي.
العمدة: ها .. بتقول راح فين يا بيه؟
ميمي: راح فين دا ايه؟ .. باقولك بابي.
العمدة: يعني هايرجع متاخر؟
ميمي: اقول له ايه ده.. ايوة هيتاخر.
العمدة: ﻻ انا كدة يبقى لو تسمح يا ميمي بيه .. هو احنا بنبيع بطيخ.. القرعة .. القرعة بتاعة الجهادية .. يعني اللي تقع عليه قرعة الجهادية ياخدوه مباشرة للجيش عشان يحارب.
ميمي: طيب وايه المشكلة؟
العمدة: المشكلة ان كل عيال الفلاحين في البلد جات اسماؤهم في القرعة والمندوب جاء عشان يرحلهم على الجهادية.
ميمي: الله .. دي تبقى رحلة جميلة قوي.
العمدة: رحلة؟ هو كمنهم هيترحلوا يبقى رايحين رحلة.
ميمي: وﻻ يهمك يا عمدة . بابي هيحل المشكلة دي. وعن اذنك عشان انا رايح اصيد عصافير. تيجي معايا؟
العمدة: اصطاد عصافير! ﻻ يا بيه انا هنتظر الباشا الكبير.
ميمي: باي.
الباشا (يدخل): اهلا يا عمدة! ايه اخبار البلد؟
العمدة: الحقنا .. انجدنا يا سعادة الباشا. اوﻻد الفلاحين كلهم في خطر.. القرعة..
ايه؟ الكوليرا .. ما فيش فايدة.. انا قولت لكم اكثر من مرة: (طعموا وﻻدكم وريحوا بالكم.)
العمدة: كوليرا ايه بس يا سعادة الباشا .. دي القرعة.
قرعة! اول مرة اسمع عن مرض اسمه القرعة. وده اعراضه ايه يا عمدة؟
العمدة: اعراضه؟ ﻻ مالوش اعراض. بيجي على الواحدة مرة واحدة وبدون مقدمات.
ﻻ اذا كان كدة الحق اكلم ناظر الصحة عشان يشوف له حل في المرض ده.
العمدة: رايح فين يا سعادة الباشا؟ انا قصدي قرعة الجهادية.
والمطلوب مني ايه؟
العمدة: سعادتك تكلم مندوب الجهادية عشان يعفي اوﻻدنا .. دول برضه اوﻻد الفلاحين اللي شغالين في ارضك.
ايوة. بس ده جيش .. مش اختصاصي يعني.
العمدة: بقى كدة يا باشا.. يعني لو كان ابن سعادتك ميمي بيه وقعت عليه القرعة كنت هتقول مش اختصاصي؟
(بغضب) عمدة! انت نسيت نفسك وﻻ ايه؟ .. قرعة ايه اللي تقع على ابني.. القرعة دي عشان اوﻻد الفلاحين مش البشوات.
العمدة: ما كنش العشم يا باشا. تسيب اوﻻد رجالتك (طرقات على باب السراي).
روح شوف مين على الباب.
العمدة: (لنفسه) ربنا على القوي (يذهب ثم يرجع بسرعة) سعادة الباشا!
في ايه يا عمدة؟
تعرف مين اللي جه دلوقتي لسراي سعادتك؟
اكيد واحد من البشوات اصقائي.
العمدة: ابدا. ده مندوب الجهادية.
وعايز ايه؟
العمدة: اكيد جاي عشان ياخذ اﻻذن من سعادتك بترحيل الشباب. يا ريت سعادتك تترجاه يعفيهم.
حاضر. روح قل له الباشا سمح لك بمقابلته.
الباشا: تحية لمندوب العسكر.
ارجو ان سعادتك ﻻ تغضب. انا اقوم بمهام وظيفتي.
فاهم. ايه اللي انت عايزه؟
سعادتك تعرف ان نظام القرعة مطبق من سنين. وهو ﻻ يفرق بين ابن فقير او غني بن الباشا او ابن الفلاح.
انت تقصد ايه؟
اقصد ان القرعة وقعت على ميمي بيه.
انت بتقول ايه؟.. اكيد فيه حاجة غلط.
اتفضل سعادتم اتاكد بنفسك.
ينظر في الدفتر) دا صحيح. لكن ازاي ده يحصل؟
ازاي اسم ابن الباشا يقع مع اسماء اوﻻد الفلاحين؟.. اسمع مندوب عسكر! انا عندي خدم كثير في السراي خذ واحد منهم بدل ابني.
متاسف. على فكرة كل اللي عندك هيروحوا الجهادية. يعني مفيش حد يروح بدل ابنك. ابنك هو اللي مفروض يلبس..
يلبس؟ هو عريان؟
يلبس الميري سعادتك.
العمدة: لو سمحت يا باشا اتدخل. (يلتفت للمندوب) اصل ميمي بيه ما ينفعش يروح.
ليه؟ هو مش راجل؟
ﻻ.. قصدي يعني انه متربي وابن عز، متربي رباية باشوات. وصعب عليه يلبس البيادة ويقف في الطابور.
ش بس كدة. ابني ميمي مش متعود ياخذ اوامر من حد ﻻنه هو دايما اﻻمر الناهي.. ثم بالعقل يعني . اسم ميمي ده ينفع يبقى عسكري.؟
الجيش له احكامه.
اسمع . انا عندي مجوهرات ..
ممنوع. القانون هو القانون. المال ﻻ ينفع يعفي ابنك.
(لنفسه) يعني مفيش فايدة.. (للمندوب) طب اديني فرصة اجهزه للسفر.
غدا الظهر اخر المهلة المقدمة لك.
يبقى ميعادنا بكرة الضهر.
المندوب: (يخرج)
العمدة: هو سعادتك مش هتكلمه عشان يعفي اوﻻدنا.
اكلمه في ايه؟ انت مش سامع . هياخذ ابني كمان.
(يخرج العمدة ويجلس الباشا يفكر)
الباشا (لنفسه): طيب والعمل ايه؟ هتتركهم ياخذوا ابنك؟ .. مفيش غير اسفره برة. لكن انا ﻻ احتمل يغيب عني. جاءت لي فكرة. اضربه واعمل فيه عاهة. وبهذا ياخذ اعفاء. انت اتجننت يا باشا؟ هتعمل في ابنك عاهة عشان ما يروحش الجيش.
ﻻزم افكر في حل.
الباشا: (للعمدة) انت واقف تتفرج عليّ؟ روح شوف مين على الباب.
العمدة: دا الواد يوسف بن عوضين . قال ايه عايز يقابل سعادتك.
الباشا: يوسف ايه .. روح اطرده وقل له الباشا مش فاضي
حاضر.. بس ده بيقول انه يريدك في موضوع مهم.
(يدخل يوسف)
يوسف: مساء الخير سعادة الباشا
العمدة: وكمان بتقول مساء الخير.
الباشا : ايوة. فيه ايه؟
يوسف: انا جاي لسعادتك في موضوع شخصي. بس لو تسمح نكون لوحدنا.
العمدة: نعم يا اخويا!
الباشا: معلش يا عمدة سيبنا لوحدنا.
العمدة: حاضر. حاضر يا ابن عوضين.
انا عرفت ان القرعة وقعت على ميمي بيه.. وانا جاي لسعادتك عشان اقول..
الباشا: ما تنطق وتخلصني.
يوسف: انا مستعد اروح الجهادية بدل ابن سعادتك.
الباشا: ما ينفعش. اكيد انت كمان رايح.
يوسف: ﻻ. انا ساقط قيد. ايوة ابويا ماسجلش اسمي في سجل المواليد.
الباشا: (يخرج من جيبه فلوس) خذ دول!
يوسف: خلي فلوسك. انا مبعملش ده ﻻجل المال.
الباشا: امال عشان ايه؟
يوسف: انا بضحي بنفسي عشان ما يرضنيش ان ميمي يتبهدل.
الباشا: (لنفسه) معقولة فيه ب بالشكل ده؟
يوسف: انا لي طلب واحد.
الباشا: اطلب.
يوسف: ما تقولش لميمي بيه على اي حاجة لحد ما ارجع.
المشهد الثاني:
(بعد مرور شهور.) – الباشا يجلس ويقرا في الجريدة. ويدخل علي ميمي
ميمي: صباح الخير بابي.
الباشا: صباح الخير.. رايح فين؟
ميمي: يعني هروح فين يا بابي. زي كل يوم هركب الحصان بتاعي واروح ﻻصحابي.
الباشا: وانا كل يوم بقولك ما ينفعش اخرج من السراي.
ميمي: ليه؟
الباشا: يا ابني انت المفروض تكون في الجيش وتحارب .. ازاي اهل البلد يشوفوك وانت هنا.
ميمي: يعني ايه يا بابي. اتحبس في السراي؟
الباشا: وفيها ايه؟ السراي كبيرة تقدر تلعب فيها .
ميمي: بس انا عاوز اروح ﻻصحابي.
الباشا: ياميمي انت لس صغير ثم ان السايس قال النهاردة ان الحصان مريض.
ميمي: ﻻ هركبه يعني هركبه.. بااااي!
الباشا: ما فيش فايدة. ﻻزم يمشي الي في دماغه.. ربنا يستر.
العمدة: يدخل وهو حزين) صباح الخير سعادة الباشا.
صباح الخير يا عمدة.. ايه مالك زعلان كدة؟
العمدة: ومين ما يزعلش الحرب شغالة واوﻻدنا بيموتوا؟.. (لنفسه) اقول له ازاي بس يا ربي؟.. (للباشا) الحقيقة انا العمدة:مش عارف اقول لسعادتك ايه..
الباشا: ايه. اتكلم.
العمدة:البقية في حياتك.
الباشا: متشكر يا عمدة.
العمدة:بقول لسعادتك البقية في حياتك.
الباشا: ان شاء الله يا عمدة.
العمدة:ابن سعادتك ميمي
الباشا: ماله؟
العمدة:مات
الباشا: (بتاثر ) ايه؟ ابني حبيبي .. ﻻ .. ﻻ.. ده كان راجل بمعني الكلمة
العمدة: انت ها تقول لي1
الباشا: كان مطيع لحد اخر لحظة. (يهز العمدة راسه ساخرا) .. انا حذرته وقلت له ما يركبش الحصان. اهو وقع من عليه ومات.
العمدة: حصان ايه يا سعادة الباشا؟
الباشا: سيبني دلوقتي لوحدي يا عمدة.
العمدة: طيب عن اذن سعادتك .
الباشا: اه .. ابني ميمي..
ميمي : (يدخل وهو سعيد) هاي بابي.. هلي عمدة.
الباشا: انت لسة عايش؟
ميمي: طبعا. امال هاكون ايه؟ مت؟
الباشا: امال العمدة المجنون قال لي انك مت.. بس بس!! انا فهمت دلوقتي..
ميمي: اه صحيح. ايه سبب الصويت الكثير الذي سمعته وانا جاي.
الباشا: دول يا ابني اهالي الشباب اللي ماتوا في الحرب.
يبقى العمدة كان يقصد يوسف اللي راح بدالك. يا خسارة يا يوسف!! كان عارف ان البلد داخلة حرب وممكن ما يرجعش ومع ذلك راح بدل ابني.
ميمي: شفت بقى يا بابي! اديني ركبت الحصان ومحصلش حاجة زي ما كنت بتقول.
الباشا: مين قال لك انه ماحصلش حاجة؟
ميمي: اديني قدامك زي الفل.
ميمي يا ابني .. اسمعني كويس . انت دلوقتي م… ميت!
ميمي: ميت ازاي؟ انا واقف قدامك حي اهو!
الباشا: ﻻ . ميت. بس انت مش واخد بالك.
ميمي: انا ميت! ميت.. ﻻ ﻻ (يغشى عليه)
الباشا: الهي تموت وارتاح منك. قوم يا ميمي بلاش هزار. انا بتكلم بجد!
ميمي: (يقوم) جد!
الباشا: هو الموت فيه هزار؟
ميمي: اه.. ها ها.. بابي يا شقي!.. انت عاوز تلاعبني لعبة من لعبك. صح؟
الباشا: (بسخرية) ايوة! لعبة اﻻموات والتربي!
ميمي: الله.. دي باين عليها لعبة حلوة. يا للا علمني اللعبة دي تتلعب ازاي!
(طرقات على الباب)
الباشا: ادخل اﻻن واستخبى جوة لحسن حد يشوفك.
ميمي: ايه هانلعب اللعبة الجديدة دلوقتي؟
الباشا: ايوة يا حبيبي خش جوة دلوقتي واعمل نفسك ميت وانا هاجي اموت جانبك.
ميمي: بس ما تتاخرش عليّ (يخرج)
الباشا: يا ترى مين اللي جاي اﻻن؟ استر يا رب.. (يذهب ويرجع) ايه اللي جابه تاني ده؟
المندوب: (يدخل) نحياتي لسعادتك يا باشا.
الباشا: سلام .. خير!
المندوب: انا جاي عشان ابلغك ان ابنك ..
الباشا: (يقاطعه) عرفت..
سعادتك عارف انا كنت ها اقول ايه؟
الباشا: ايوة. العمدة سبقك بالخبر.
لكن العمدة ما يعرفش اللي انا جاي عشانه.
هو انت مش جاي تقول لي ان ابني..
(يقاطعه) ابنك يا باشا مطلوب للجهادية.
الباشا: ابني مين؟
المندوب: ميمي..
الباشا: ميمي مين؟ هو الجيش بياخد اﻻموات يحاربوا. ايه بيرمو اﻻعداء بالجثث.
المندوب: اموات ايه يا باشا؟ انا مش فاهم سعادتك! فيه ناس شافوا ابنك راكب الحصان النهاردة الصبح.
الباشا: دا اكيد واحد شبهه.
المندوب: بس تحرياتنا بتقول..
الباشا: انا ماليش دعوة بتحرياتكم .. العبرة بالدفاتر الرسمية.
ميمي: (ينادي من الداخل) يا بابي.
المندوب: صوت مين ده؟
الباشا: (بارتباك) ﻻ . ده صوت عروسة لعبة.
المندوب: اتفضل يا حضرة المندوب الدفتر . اهو اسم ميمي فيه..
(يرى الدفتر) غريبة قوي!
الباشا: ﻻ غريبة وﻻ حاجة .. هو اسم ابني مكتوب في سجل الشهداء. يبقى ابني ميت وﻻ حي؟
المندوب: ميت طبعا. بس..
الباشا: وطالما ابني ميت يبقى عايزينه في الجهادية ازاي؟ ميت تحت الطلب.
المندوب: عداك العيب سعادتك. طالما ابنك مسجل من الشهداء يبقى الجيش مالوش عندك حاجة. عن اذنك (يخرج)
ميمي: (ينادي) بابي! ايه يا بابي اتاخرت ليه. انا ميت بقى لي 24 ساعة.
الباشا: تعال يا ابني افهمك الحكاية. انت يا ابني كنت مطلوب للجيش .. لكن جه واحد اسمه يوسف واخد اسمك وراح بدالك . وفي الحرب مات وقيد اسمه في السجل ان اللي مات هو ميمي. صحيح انت حي وبتتحرك ولكن انت قانونا ميت .. يعني مش من حقك تعيش حياتك زي ما انت عايز. الحاجة الوحيدة اللي ممكن تعملها انك تنادي وتشهد دائما. يوسف ضحى بنفسه عشاني.