سلوان -٢

كان شبحان يسيران في الظلام متجهين الى خارج المدينةنحو الجبل.. ومال اﻻطول قامة الى زميله:
اتدري لماذا رافقتك السير؟
ﻻ اجد داعيا سوى رغبتك في مضايقتي..”. وابتسم.
ﻻ يا مكرميانوس اني ﻻ اقصد مضايقتك.. لكني رافقتك ﻻبوح لك بما يضايقني.” واستطرد.
يا صديقي اني احس ان قلبي غير راض على شئ. ونفسي غير مستريحة. اني اتعذب يا مكرميانوس.
وجاء صوت مكر مؤكدا:
انني ﻻحظت عليك يا سلوانس انك في الفترة اﻻخيرة شارد الفكر مهموم البال، شاحب الوجه، هزيل البدن.. واستطرد ضاحكا:
ربما تزول هذه الحالة وربما اعرف السبب..
ﻻ يا مكر لن تزول.. ولن تعرف السبب ، ﻻنني انا نفسي ﻻ اعرف.
واستطرد وهو يهز راسه:
احس دائما بوخز في نقسي. وان كنت احيانا اشعر انه ليس غريبا عني.
وتوقف مكر عن السير وحرك راسه متعجبا ثم قال:
ما هذا؟ انك تنطق بكلام غريب. العلك تريد ان تسخر مني. انا ﻻ اتوقع منك هذه السخافات.
هذا هو حالي يا صديقي.
فاجابه محتدا:
كنت اتوقع انك مريض.
وقال بلهجة اقل حدة:
او ان قلبك مال الى امراة فاخذت بفكرك.. او..
فقال وهو يحني راسه:
كنت اتمنى ان يكون كذلك.. ولكن اﻻمر غير هذا..
واقترب مكر ووضع يده على كتف سلوانس وقال:
ﻻ تحمل هما. ان اﻻلهة قارة ان تريح نفسك، وتوطد روحك الخائرة.
واستطرد وهو يخقض ذراعه ويبتسم:
اتركك اﻻن ﻻن شبحا هناك ينتظرني..
فقال مودعا:
تمنياتي لكما باوقات سعيدة “. وحاول اﻻبتسام.
وافترق اﻻثنان. اتجه مكرميانوس الى المراة التي تنتظره .. وسار سلوانس في طريقه ﻻ هدف له.
اخذ يمشي في الخلاء .. كانت في داخله معركة هي جزء من المعركة اﻻزلية التي بدات رحاها منذ طرد ادم من الجنة..
وفجاة توقف عن المسير ورفع وجهه الى السماء فوجدها مﻻى بالنجوم. ثم اخفض راسه فاحس بالرمال رطبة تحت قدميه، ونظر امامه فوجد الجبل كشبح عملاق تقوم عليه مدينته، فاغمض عينيه وتنهد. وعندما فتحهما تدحرجت منهما دمعتان كبيرتان وطفق يقول:
ايها الروح الساكن في اعماقي وﻻ اعرف..
ماذا تريد مني؟ ولماذا اتعذب انا دون اصدقائي ومعارفي؟ من تكون..؟ اجئت لتعذبني..؟ اكشف عن ذاتك!
وعاد ادراجه وقد شمله بعض الهدوء، وتعجب من نفسه التي تفرح بالدموع وتحزن من اللهو!
وسار وئيدا .. ان نفسه احبت الجبل !
وما هي اﻻ لحظات حتى ظهرت اﻻضواء من منازل المدينة وحاناتها وحوانيتها.
مال الى اليمين متخذا طريق المقابر وسار فيه الى ان عطف ناحية اليسار الى شارع رحب يؤدي الى ساحة المدينة حيث تكثر اماكن اللهو والعبث. وسار في ذلك الشارع الى منتصفه ثم همس الى نفسه:
ﻻ اريد ان اخترق الساحة.. وعزم على ان يتخذ الطريق لضيقة الى منزله. لذلك عاد ادراجه الى المقابر ، ولكن ما ان وخطى خطوات قليلة حتى سمع صوتا مرتجفا يقول:
لماذا ترغب في اذيتي. .. صدقني كل ما معي اعطيتك اياه.. ليس معي شئ اخر..
ثم سمع صوت صفعة قوية اعقبه صوت ارتطام جسم باﻻرض، وسمع صوت رجل يقول:
اني اعرفكم ايها الرهبان الملاعين، تخبئون الذهب ثم تدعون انكم ﻻ تملكون شيئا.
وعندئذ عرف سلوانس ما يدور : انه قاطع طريق يسلب راهبا.
قال في نفسه:
ااتراجع.. ﻻ ! لن اتراجع. ان مت ساستريح معه، وان انقذته فربما استريح ايضا.
وما ان انتهى من قراره، حتى صرخ صرخة دوت في سكون الجبل وجرى ناحية مصدر الحركة وهو يقول:
ارفع يدك ايها المجرم. ﻻ تمسه لئلا قتلتك!
وفي الظلام كان شبح يتلقاه بعصا غليظة ولكنه محى جانبا متفاديا الضرب،ة وسدد لكمة الى وجه الرجل القته ارضا، ولم يقم اﻻ بعد ان تاكد انه زحف مسافة كافية تبعده عن سلوانس، ثم نهض وركض هاربا..

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s