من اجل القضية المقدسة:
قصد الاب بلجرين حي دواي وكان المطر قد بدا يسقط رذاذا ففتح مظلته وسار دون ان يلتفت يمنة ولا يسرة، فكان المارون يحدقون فيه النظر وقد ملكتهم الدهشة، وسمع احدهم يقول:
عجبا انه القسيس “قسطنطين” ولكنه ظن انهم ظنوه قسيسا بهذا الاسم.
وحينما اقترب من مونتماير اشتد اعجابه بكنيسة القلب المقدس وملكه الانذهال عندما راى ان هذه الكنيسة محاطة من كل جانب بالصور والمسارح وقاعات الموسقى ..
وقال حقا انها لا تشبه سابلوز، واين الثريا من الثرى. ان هذا الحى حي الملاهي ..
واوقف احداهن وسالها:
هل لك ان تدليني يا ابنتي عن مرقص طيارين؟
حقا ؟ لكن المرقص مغلقة ابوابه الان.
ايتها الفتاة انني ابحث عن شخص يسكن مسكنا مقابل ذلك المرقص..
وبعد ان وقف الاب على المعلومات التي ارادها ذهب الى المكان فراى فتاة ترتدي رداء قصيرا حتى الركبتين وقد وقفت امام مراة وامسكت في يدها مسدسا وهي تصيح قائلة:
ايها الدوق لقد اهنتني وانا ابنة 3 مارشالات و سليلة لعدة سيدات كن في بلاط ملوك فرنسا، ولقد استغللت ضعفي واعتديت على عفافي. ان الموت حده هو الذي يغسل هذه الاهانة ولذلك سانتحر. فلتكن ملعنا ايها الدوق وليسقط دمي على راسك.
ووضعت الفتاة ماسورة المسدس على صدغها فاسرع اليها القسيس يصيح:
قفي. قفي. لا تقتلي نفسك ولا ترتكبي جريمة.
وهم ان ينتزع المسدس من الفتاة لكنها دفعته وقالت:
كلا. اني لا اريد ان انتحر لان الانتحار خطية كبرى. ولكني اطالع الدور الذي سامثله . اني ممثلة، وسابدا عملي الاسبوع القادم.
معذرة يا بنيتي.
لا باس يا ابي.
واخرج الاب من كتاب القداس الذي كان يحمله دائما معه صورة لمريم العذراء واعطاها للفتاة ففرحت بها.
وفي المساء اكتفى الاب بلجرين بزيارة كاتدرائية القلب المقدس فوجدها جميلة وقد احتشد الجمع فيها واعتلى الواعظ المنبر وطفق يوجه بعض كلمات بالاتينية الى الفلاحين والفلاحات الذين لم يكونوا يفهمون منها شيئا، وسادت السآمة والضجر وجعل السامعون يتثاءبون وهم يكادون ينامون.
ولبث الاب بلجرين يناجي نفسه:
حقا لو كان الرسل يعظون الناس مثل هذه العظة لما استطاعوا ان يبشروا الشعوب، ولما انتشرت الديانة المسيحية في اقطار الارض بل لظل الناس يجهلونها.
ولما عاد الاب بلجرين ليتناول عشاءه في فندق فنيلون، وجلس على مائدة كان يراسها احد الاساقفة. وقد احاط به رجال الدين من رتب مختلفة، وبعد ان بارك وصلى جعل يوزع الطعام على من حوله ومن بينهم الاب بلجرين الذي كان يسرع لانه كان جوعانا وعطشانا، وفي الفترة بين تقديم الوان الطعام، كان قس سابلوز يرهف اذنيه للسمع، فسمع احد القساوسة يقول لقسيس اخر شيخ:
اننا بفعل النادي الريضي نسيطر على المشاغبين ونضمهم الينا ونبقيهم دائما معنا. ويا ليتك تاتي يوم الاحد القادم الى بوفالد فترى فرقة اطفال جان دارك وهي فرقة للكشافة جمعنا لها اطفالا كثيرين.
ولكن نحن كنا نقوم في العصر القديم بتاليف جوقة من الفتيان لتمثيل الروايات المضحكة ومسرح العرائس.
وفي اليوم التالي بعد ان قرا خطابا ارسله كوسينيه يطلب منه البحث عن زوجته التي تركت له القصر وهربت ، ناجى نفسه قائلا:
لقد قدمت لى الكاس فلاشربها حتى الثمالة وقد وضعت يدي على المحراث فلا يجوز الان ان التفت الى الوراء بل لقد فات الوقت ولا من مناص، فلماذا لا اذهب الى كازينو دي باريس . انني لا انوي شيئا وليست لي افكارا شريرة واني اسعى الى هدف مقدس فماذا يضيرني ؟
وراى بواب الكازينو القسيس داخلا فلم تتملكه الدهشة لانه ظنه ممثلا يرتدي طيلسان كاهن وقد حضر ليمثل دوره. وحينما ساله القسيس عن ليزت دي ليزاك اجابه والابتسامة تعلو شفتيه:
ليزيت دي ليزاك؟ لقد مضى وقت طويل ولم نرها هنا ، ولكن يمكنك ان تسال عنها في الادارة.