الحرة الشريفة:
اسرع كوسينيه الى غرفة زوجته فلم يجدها فيها ولا في الردهة وفتح باب المكتبة فوجدها وقد فتحت امامها كتابا تقرا فيه،
وراى بيير دي سابلوز يرتقي سلما وقد تابط كتابا لا يزال الغبار يعلوه، فلم يكد يراهما حتى صاح:
عجبا ماذا تعملان هنا؟
اننا نشتغل لاجلك ايها الحبيب فان المسيو دي سابلوز يريد ان يكتب مقالا تاريخيا في جريدتك، مقالا عن.. عن …
الحرة الشريفة.
اردف بيير:
لا. هذا ما اريده…اني طالعت سيرة حياة جان دارك محررة فرنسا واريد ان اكتب مقالا عنها.
حسنا. حسنا.
وانحنى كوسينيه على الكتاب الذي كان مفتوحا امام زوجته وقال:
ولكنك تقراين لبوتين.
نعم وانا ارى فيه امورا هامة.
عن جان دارك؟
بل عن كل شئ.
ولم يجب بكلمة بل لزم الصمت، وساد سكون عميق.
**
اعتلى كوسينيه المنبر ليلقي خطبته ولكن قبل ان ينبث ببنت شفة، صاح احدهم:
هاك الغني الحديث العهد بالثراء.
وقال اخر:
بل الساعي وراء اي ربح.
وقال ثالث:
من اين سرقت امواك.
وصعد رابع المنصة وصاح كالرعد:
ان القسيس يريدنا ان نعطي اصواتنا لصاحب الملايين. هيا نشنق القسيس في قبة الجرس، ونعلق صاحب الملايين في برج قصره.
وصاحت اصوات معارضة واخرى محتجة واشتدت الجلبة.
وارتبك كوسينيه وازدادت حيرته، ولكنه ظل يلقي خطبته بلسان متلعثم.
النظام لو سمحتم. موازنة ماليتنا الزراعة والصناعة .. الرخاء العام.. الاخاء.. انني ابذل كل جهودي لتحقيق طلباتكم العمالية المشروعة.
وصاح صائح:
صه ايها التاجر بل المتاجر.
واردف كوسينيه:
اخلاصي… حبي للفقراء..
وصاح اخر:
اخرس اخرس
واستمر كوسينيه:
وطننا العزيز. جنودنا البواسل.. موتانا .. قتلانا.
وتقدم اليه جندي ممن شوهتهم الحرب وصاح باعلى صوت:

لن تتحدث عن هذه الامور ايها القذر.. لانها ليست من شئونك.