
من كوكب اخر:
ﻻ يوجد شئ عادي في الحياة. احيانا يتحدث الناس عن يوم عادي.. وهذا شئ يزعجني.. ﻻنه ﻻ يوجد في الحياة يومان متشابهان.. ونحن ﻻ ندري كم يوم سيأتي.. فكيف يكون هناك يوم عادي؟
اما التعبير اﻻسوأ من يوم عادي فهو ولد عادي او فتاة عادية. انه تعبير نستعمله عندما ﻻ نكلف انفسنا محاولة التعرف على الناس وفهم حقيقتهم.
كنت في ذلك الوقت انتظر ان يولد لي اخ او اخت. وكان افراد عائلتي يتساءلون طوال الوقت: هل سيكون المولود صبيا ام بنتا؟ .. اما انا فكنت متاكدا ان هذه الكتلة التي في بطن امي ستكون صبيا.. ﻻ اري لماذا كنت متاكدا لهذ الحد. ربما ﻻني كنت اتمنى ان يكون لي اخ صغير..
فنحن البشر نؤمن دائما بما نريده ﻻنفسنا.. وقد كان من الصعب علي ان اتخيل اخ صغير.. اﻻ انني على اﻻقل كنت اعرف انه سيشبهني ولو قليلا.. اما اﻻخت فكان من المستحيل على ان اتخيلها.
اخبرتني امي ان الجنين يرقد في بطنها مقلوبا. وانه يركلها طوال الوقت حتى اتعبها.. فقلت لنفسي: ان اخي الصغير هذا يحتاج الى ان اعلمه كيف يكون مهذبا. وفكرت في ان انصحه بان يتوقف عن ركل امي كما خطر لي انه سيحتاج الى الكثير من النصائح والتوجيهات في حياته بعد ذلك.
فنحن ناتي الى هذا العالم ﻻ نعرف شيئا عن اداب السلوك .. ونقضي سنوات عديدة قبل ان نتعلم احترام اﻻخرين ..
وخطر لي ان اخي هذا سيحتاج الى مجهود مني ﻻعلمه اشياء كثيرة لم يراها .. حيوانات .. نباتات.. المشكلة ان هناك اﻻفا من الحيوانات على هذ الكوكب علينا ان نعرفها ونتعلم عنها الكثير .. اظن انني ساقضي وقتا طويلا اعلم اخي الفرق بين الفهد والنمر مثلا ..
ايقظني ابي في منتصف الليل: اصح يا جو. فالجنين في طريقه للخروج.
جلست في الحال، وقلت: المفروض اﻻ يصل اﻻن.. فنحن في منتصف الليل..
قال ابي: بعض اﻻطفال يقررون الوصول في هذا الوقت. فهم ﻻ يعرفون الليل من النهار..
كان ابي وامي قد اتفقا مع الخالة هيلين على ان تحضر الى بيتنا لترعاني عندما يحين موعد وﻻدة الطفل ..
قلت لابي: ساكون على ما يرام ، وسالعب بمكعباتي حتى تاتي الخالة هيلين.
اندفعت الى الطابق السفلي: كنت امي جالسة على مقعد ذي مسند، ممسكة ظهرها بيديها.. وقد اغمضت عينيها وتقلص وجهها من شدة اﻻلم.
عن رواية: هل من احد هناك؟