
رواية (مجروح لاجل معاصينا) هي تسجيل بشكل درامي لاحداث يوم الجمعة العظيمة، اليوم الذي صلب فيه فادي البشر ورب كل الخليقة. اﻻف الكتب بل ملايين كتبت في محاولة لان تبحر في خضم احداث ذلك اليوم، ولكنها جميعها كانت قاصرة. بعضها كانت في صورة تاملات هادئة واخرى في صورة دراسية بحتة، وثالثة في صورة مواعظ وخطب ورابعة في صورة قصة او رواية. وقع في يدي صدفة رواية بعوان (مجروح ﻻجل معاصينا) لمؤلفها ا. عزيز متري عبد الملك، اصدار مكتبة المحبة سنة 1951. حاول الراوي من خلال السرد الدرامي ان يغوص في اعماق اﻻحداث وان يبحر بالقارئ في عقل وقلب شخوص روايته، ليقدم للقارئ مشاهد ذلك اليوم ليساعده في ان يلم بقدر بسيط من زخم احداثه، مؤملا ان يلقي الضوء على ما بها من دروس عظيمة. احببت ان اقدم 3 مشاهد من الرواية تناولت دور المراة وتاثيرها في سير اﻻحداث:

المشهد الاول:
قال ملخوس رافعا نظره الى السماء وملوحا بيده: اﻻ فلتنزل اللعنة على راس المرأة فهي سبب كل بلاء واس كل شر! الم تدخل الخطية و الموت بسببها الى العالم؟ الم توجد جهنم بفضل غوايتها؟ .. عليها اللعنة وتبا لها!
قاطعه بطرس مستنكرا:
ان اللعنة التي تستنزلها على راس المراة يا ملخوس ستذروها الرياح فتذهب هباءا. ان اللعنة والنقمة لتنزل على كل محتقر للمراة بعد اليوم. بفضل طهارة المراة حصل الخلاص للعالم. بفضل طيبتها وفضيلتها ربطت المحبة السرمدية بين اﻻرض والسماء. من امراة ولد ربنا فماذا يهم لو وجد اﻻف الخاطئات! من اجل واحدة فقط ندعوها ام المخلص قد تقدس اسم الله في العالم، وتقدس جنس المراة امام الله الى اﻻبد!
***
المشهد الثاني:
رجعت يهوديت الى منزلها بعد ان شاهدت صلب الناصري واختلت الى نفسها في غرفة نومها ثم جلست امام المراة تتامل محاسنها وتمسد شعرها الذهبي المنسدل على كتفيها. كانت تمسده باطراف اصابعها وعيناها تحملقان في المراة مقرونة بابتسامة تنم عن رضاها المغتر بجمالها، وبصوت خافت قالت تحدث نفسها:
يا للرجال الجبناء! حتى بارباس القوي القاسي كان يبكي حزنا على الناصري المثلوب! وقيافا رئيس الكهنة العظيم! من كان يظن ان قيافا تخزنه شجاعته ويرتعد خوفا فور ان راى حجاب الهيكل ينشق!
ثم ضحكت هازئة:
ﻻ غرابة في ان يلتف الناس حولي . الم تكفي نظرة واحدة مني في ان توقع قياقا في حبائلي؟ فيافا مثال التقوى عجز عن ان يقاوم سحر عيني فاغرم بي! وباراباس القوي رميته بسهام مفاتني فاذا هو عبد لجمالي واسير لشهوته! من اجلي سرق جواهر شادين الفارسي وقتل جابرياس الفارسي. ولكنه اليو لم يظهر لي حبا. ساقصيه عني ما دام عطفه على الناصري اقوى من حبه لي! لقد تركني اسير بمفردي وسط الظلام المدلهم اتحسس الطريق الى منزلي. اني ﻻشعر بالخوف وحدي. ليت يهوذا شقيقي كان معي ليؤنس وحدتي.
وانتصبت يهوديت وتطلعت الى القمر الذي كان يغمر الكون بضوئه الفضي ثم همست:
كم كنت ارجو ان قيافا في خطبه الرنانة يفهم الشعب ان اﻻرواح الشريرة التي تسكن جسد الناصري هي التي اوقعت اﻻضطراب اليوم- هي التي احدثت الزﻻزل واطلقت الرعد وارسلت البروق وجلبت الظلمة. اذ اي سلطان لرجل مات ان يفعل هذا؟! انه فائق الجمال، ما في ذلك شك، …
في تلك اللحظة قطع سيل افكارها صراخ الخادمة:
سيدتي سيدتي!
اسرعت تقول وقد احست بخوف مبهم:
ما الخبر؟ اي مصاب وقع؟
سيدي بعث بي اليك. انه ينتظرك …
***
المشهد الثالث:
حاول حنان صهر قيافا ووالد زوجته راشيل ان يعرف من قيافا من الذي اعتدى اليه لكنه رفض ان يتكلم…
اشار قيافا لزوجته ان تقترب واراها الخنجر الذي كاد ان يقضي عليه وسالها:
الم تري ذلك الخنجر من قبل؟
تاملت راشيل الخنجر وقالت:
انه خنجر يهوديت! الخنجر الذي اهداه لها جابرياس الفارسي قبل ان يقتل.
انها هي التي طعنتني بالخنجر. لقد اصابها مس من الجنود بعد شنق يهوذا اخيها لنفسه.
ثم دفع بيده يدها وهو يقول:
خذي هذا الخنجر والق به في قاع النهر. وليبق ذلك سرا بيني وبينك.
اخذت راشيل الخنجر وتنهدت قائلة:
يا لها من مسكينة!
فنظر اليها شذرا وقال: مسكينة بعد ما فعلته؟!
فقاطعته بحدة: انا اعرف علاقتك بها. ولكني قررت ان اكون قي دور الزوجة المخلصة! …