.

اخذ مايكل ينفق ذهبه حتى اوشك على النفاذ. لم يعرف كيف يصل الى انجل. ورفع نظره للسماء ” ربي، لدي من الذهب فقط ما يكفي لمحاولة واحدة بعد. فدعها تصغ لي!.
.. ماذا انا فاعل هنا؟ لقد حاولت وانت تعرف. انها ﻻ تريد ما اعرضه عليها. ماذا تراني فاعلا؟ ااسحبها بشعرها خارجا بها من هنا؟”.
قرع الباب مرتين، وتردد في الرواق المعتم صدى قرعه. فتحت انجل الباب، ورمقته بنظرة خاطفة، وقالت: “اوه، هذا انت مرة اخرى؟”
نعم، هل لديك مانع؟! سأظل احاول الى اخر درهم معي!
قالت بهدوء:
ليست غلطتي في تبديد ذهبك. لقد حذرتك اول ليلة.
وانا لن اتركك في هذا المكان الموبوء.
ليس هذا شانك.
صار شاني يوم رايتك..
و سترت فمها اذ تثاءبت. وتنهدت قائلة : “هيا تكلم، فكلي اذان صاغية”.
“ايهدهدك كلامي لتنامي”.
فكرت. سيلقي كلمته ويمضي. انما كل ما ينبغي ان تتحقق منه هو اﻻ ياخذ معه جزءا منها خارج الباب.
ايعطيك شعورا بالقوة ان ازايد عليك ﻻحظى بك كل كل ليلة؟
لست اطلب منك القيام بذلك؟
ﻻ. لست تطلبين.. ﻻ تحتاجين الى شئ. لست تشعرين بشئ.
ﻻ فائدة.
اندفع خارجا ثم واصل المشي لعل هواء الليل يبرد حرارة جسده المشبوب وقبله روحه الثائرة. سار شارع او اثنين ثم تساءل:
يا رب، لماذا هي؟ قل لي! لماذا ليست فتاة حسنة التربية. فتاة تعمل معي في الحقول..
جاءه الصوت: هذه هي المراة التي اخترتها لك.
ثم توقف ساخطا وزعق في الفضاء المظلم ..
ارجع الى انجل!
ﻻ. لقد عبرت عن فكرها بوضوح. يمكنني ان احوزها باي طريقة شئت. من عنقها فنازﻻ. ما عدا قلبها.
ﻻ شئ ينفع. اخر شئ اريده انا هو امراة ﻻ تشعر بشئ”.
ثم شرع يمشي من جديد.
واذا صلى ثانية الى الله طالبا ان يرسل اليه امراة تشاركه في حياته، فسيكون اكثر دقة في تحديد نوع المراة التي يريدها.
كانت انجل واقفة عند نافذتها اذ شاهدت هوشع يغادر.
حسنا، لقد نجحت اخيرا في طرده.
لكن لماذا تشعر بهذا الحرمان الشديد؟
في تلك الليلة جلست وشدت ركبتيها على صدرها. ثم ضغطت براسها على ركبتيها، وراحت تترجج.
كان المطر يرسم على زجاج النافذة خطوطا طويلة كانها دموع غزيرة.
*
تنهدت ﻻكي ورجرجت السائل الكهرماني في كاسها. “اتمنى لو اني اغادر من هنا”.
امسكت انجل بيد ﻻكي: “ﻻكي، حاولي اﻻ تسرفي في الشراب، واﻻ طردتك الدوقة”.
“ﻻ تقلقي، فامام كل واحدة منا عشرون رجلا ينتظرون خارجا. اعتني بنفسك انت”.
سرحت انجل. فكرت بماضيها. كان ﻻ باس بحياتها قبل قدوم ذلك الفلاح. وكان مثل سابقه جوني تماما. مد اليها يده حاملا طعم اﻻمل. رسم لها صورة الحرية، ووعدها بها. حقا انها كفت عن تصديق اﻻكاذيب.. كفت عن اﻻيمان بالحرية.. كفت عن ان تحلم بها.. الى ان.. الى ان جاء هوشع. وها هي اﻻن ﻻ تستطيع اخراجها من فكرها.
تشبثت بستارة النافذة. “عليّ ان اخرج من هنا”. ولم يعنيها الى اين تذهب. اي مكان اخر سيكون افضل من هذا المكان.
كانت قد كسبت انذاك من عملها في الماخور ما يكفي لبناء بيت صغير. كل ما تحتاجه اﻻن هو الجراة للنزول الى السيدة ومطالبتها به.
نزلت الدرج بتؤدة تفصح عن ترددها. ﻻحظها بت تهبط الدرج شاردة فسألها “هل من خطب يا انجل؟”
“ﻻ، ليس من خطب”. “يحسن ان انهي اﻻمر اﻻن”، فكرت في نفسها.
حاولت تبديد خوفها، غير انه ما لبث داخل صدرها كعقدة محكمة.
كانت السيدة قد فرغت للتو من تناول عشاءها وكان بقايا بيض بالجبن بالصحن.
“اه من تلك البقرة المخادعة”.
تضاءل خوف انجل بتفاقم استياؤها. واستجمعت شجاعتها وقالت:
“اريد مالي”.
قالت السيدة بهدوء “قل لي ما تريدين شراؤه وساحرص ان تناليه”.
“اريد بيتا صغيرا”.
تغيرت ملامحها واكفهرت.
“انجل، نحن جميعا نمر بتلك النزوات. هذا ريف وتحتاجين الى شخص يرعاك ويحميك”.
نقرت انجل ذقنها نقرا خفيفا. “حسنا، يمكنني استئجار حارس شخصي”.
اذ ذاك ضحكت ضحكة خافتة.
“يحتمل ان اتزوج”
تتزوجين. هذا امر مسل!”.
“لقد طلبت يدي”
“اوه، انا على يقين بانك قد طلبت. حتى صديقتك الضئيلة السكيرة لاكي طلبت يدها. لكنها ذكية كفاية حتى تعرف ان اﻻمر لن ينجح”.
.. “ثم ان الزواج لن يروقك.. عليك ان تكنسي البيت وتعدي الطعام وتنظفي الثياب..”.
“على اﻻقل اكون مشتغلة عند رجل واحد لا رجال كثيرين”..
“حسنا يا عزيزتي. كم تريدين؟ ثلاثين بالمئة؟”.
ودون ان تنتظر ردا تنهدت وقالت بمكر “لكن عليك ان تنتظري. لقد وظفت مالك”.
قعدت انجل ساكنة ساكتة. فيما الخيبة والسخط يتراكمان داخلها.
“الغي توظيفه”. ثم تابعت بلهجة جادة “اني اعرف ان الذهب يملأ خزانتك. ذهبا كافيا لتسوية حسابي”.
***
رفعت ﻻكي نظرها الى مايكل بتضرع: “اخرجها من هناك يا سيدي. حتى لو لم يعد اﻻمر يهمك. حتى لو كانت هي ﻻ تريد. انما اخرجها من هناك”.
تنبه مايكل فجاة الى خطر ما. فامسك بذراعيها اذ دارت لتمضي: “ما حالها يا ﻻكي؟ ماذا تحاولين ان تقولي؟”.
عليه الذهاب الى انجل وانقاذه بعد ان اضحت شبه ميتة من شدة الضرب الذي انزل بها كعقاب.
***
بعد ايام كثيرة من وجودها في كوخ مايكل تعافت بعض الشئ. حاول مايكل ان يعلمها بعض الاعمال البسيطة في المزرعة، وامور منزلية اخرى، لكنها فشلت فيها جميعا. وفي احد الايام كان قادما من العمل بالحقل. فوجئت به
بهرع اليها ويمسك بيدها ويجذبها بشدة.
“ماذا تفعل؟”
“تنورتك تدخن. دقيقة واحدة بعد، ويتصاعد منك اللهيب”.
فقالت بتاسف “اضطررت الى اﻻقتراب من النار ﻻحرّك اليخنة في القدر”. وبغير تفكير امسكت بالقدر وهي ساخنة، فزعقت وسبت سبابا ثقيلا، وتراجعت الى الخلف تاركة اياها تملا الكوخ برائحة مريعة منبعثة من اليخنة المحترقة.