كانت جوليا تطير على خشبة المسرح كفراشة سوداء ببدلة حمراء زاهية. وكم كان صوتها عذبا وهي تردد (صولو) في نهاية الترتيلة التي انشدتها الجوقة: “ياتي الميلاد وﻻ يغهمه احد، وياتي الموت وﻻ يفهمه احد، وبينهما تدرك الكائنات كل شئ”.
استيقظ اتريتيس بصرخة حنجرية عميقة: يا الهي اكان ذلك حلما؟ يا الهي اعني! وهمس الصوت الناعم في اذنيه: احمل صليبك واتبعني!
واغمض اتريتيس عينيه واصاخ السمع. “اكان ذلك نداء حقيقي؟” قال هامسا لنفسه، ثم صلى “اللهم سامحني! ﻻ تتباعد عني!”، وقد اخجله انه كاد يستسلم لعاطفته. وجلس على طرف سريره. كان جسده مبللا بالعرق وقلبه يدق بسرعة. لقد راها في الحلم. راى جوليا محبوبته. وفيما هو يلهث مرر في شعره اصابعه المرتجفة ثم نهض عن فراشه، وتقدم الى النافذة الصغيرة التي تخلل منها اشعة الضوء على استحياء. بعد هنيهة عاد وجلس وتناول الريشة وراح يكتب:
الى اختى العزيزة.
اه يا اختي! فكري في هذا هل يمكن ان يحصل الراس على تغذية بينما يتضور باقي الجسد. هل يمكن ان تكون يدك اليمنى غنية واليسرى فقيرة؟ لم ارى فقط ان يسوع لم يتركني، لكني ايضا عضو في جسده، من لحمه ومن عظامه. ليست الكرمة هي الجذر فقط ولكنها الجذر والساق واﻻوراق والبراعم والثمار. ويسوع ليس هذا فقط بل ايضا التربة والشمس والهواء واﻻمطار. هو اكثر بعشرة اﻻف مرة مما نحلم به او نتمناه او نحتاجه.
امضاء اتريتيس
كتبت اليك من السجن بروما
واجال نظره في الجدران الحجرية للحجرة الرطبة واضاف:
ما العمل؟ كم من المئات قد انتظروا داخل هذه الجدران كي يموتوا؟ ويا ترى، من اجل اي شئ؟ المتعة؟ انها تمضي. قبل ارتكابنا تقدم لنا ما يجذبنا اليها، وبعد ارتكابها تتوقف اللذة ويحل محلها اﻻلم والخجل. وكما ان اللذة في ممارسة الخطية ليست حقيقة ﻻنك تعرف ما يعقبها من خجل وعقوبة، كذلك فان اﻻلم وانت تمارس البر ليس هو الما اذ يتخلله الرجاء في الجعالة. سعادة المسيحي سعادة حقيقية وليست لذة محمومة. انظر حواليك يا اتريتيس. ان فاتحي العالم هم عبيد ﻻهوائهم، وذات يوم ستصرعهم اهوائهم.
***
في ذلك اليوم استدعى القائد اتريتيس بعيد الظهر. ولما خرج من زنزانته، وجد ابن خالته كالب في انتظاره بردهة السجن.
حدق اتريتيس به لبرهة. وقد كان كالب يرتدي حزاما مرصعا يشبه الزي اليوناني. وتوانى لحظة،ثم قال كما لو كان قد افاق للتو:
مرحبا كالب! شكرا انك اتيت للاطمئنان والسلام عليّ..
قاطعه كالب بخشونة: سلام؟.. اي شئ ينتظرك سوى الموت يا اخي؟ هل تعتقد انه يجب ان تواصل ما انت عليه من خبل؟!
مهلا عليّ.، ليكن الله معك.
فقال: لتكن نعمته معنا كلينا.
وتابع كالب وهو يصر من بين اسنانه: اي الله! ماذا تعني بما فعلته؟
اﻻ يمكن ان تصفح؟ ان يصل غضبك الى نهايته، فالنار تشتعل وتنطفئ حين تاكل ما تشعله؟.. الدموع تستنفذ بالبكاء والماء بالشرب. وقوتك البدنية اﻻ تنهك؟ روحك اﻻ تعذبك؟
ثم قال في وهن ونبرة متهدجة: ان روحي اخالها تتلاشى كسحابة من بخار، كلما تفكرت في القصاص الذي ينتظرك! وحق اﻻلهة! ان كاس اﻻلم مترعة وسوف تنسكب، وما سكب ﻻ يمكن جمعه ثانية، فحذاري يا اخي ان تتمادى في غيك.
تساءل اتريتيس: اتدعو الحق غيّا! لقد غشى بصرك ونصيحتي ان تفتش الكتب المقدسة. وستعرف ان من اؤمن به هو مسيا ، عليه رجاؤنا نحن وكل اﻻمم!
تساءل كالب في ارتباك: ايعني ذلك ان الله احبنا، فلماذا اصابت امتنا كل هذه المحن والشدائد؟ الرومان يا لقسوتهم! اليونانيين يا لعجرفتهم التي ﻻ حد لها. اما نحن فليس لنا اﻻ صفير اﻻفواه وصفق اﻻيدي. كل من يسمع بخبرنا تطن اذناه . اين نحن وقد كنا اكثر عددا من كل الشعوب؟ وان كان الله يحبنا فعلا رغم ما ذكرت، فلم احبنا؟
فقال بنبرة واضحة: ان الله احبنا ﻻنه احبنا. ﻻيوجد تفسير لمحبته سوى محبته. انه دوما يعاملنا ﻻ كخطايانا بل ﻻجل اسمه، اي دوما يعاملنا بطريقة تنسجم مع طبيعته التي اعلن عنها اﻻنبياء.
فقال باصرار تمازجه خشونة: اﻻ ان الصورة الى اﻻن من جانب واحد المحبة. لكن ماذا عن غضبه الذي طالما حدثنا عنه انبياؤنا؟
فقال بتردد: ينبغي ان نتفق ان اﻻنبياء ذكروا كثيرا غضب الله ودينونته، ﻻن تاريخنا تميز باﻻرتداد. لذا فان رضا الله مبادرة، تاتي من الله ذاته. ان يهوة له مطالب توافق طبيعته، مطالب ينبغي ان تلبى. وراح يردد كلمات النبي حزقيال “اتم الرب غضبه. سكب حمو غضبه”. وقال معلقا: و عندما ينفق غضب يهوة يتوقف.
هز كالب راسه: ليت مملكة ابينا داود تعود! كم طال انتظارنا!
حتى في عصر داود ملكنا. لم ننل رضى الله كلية. في ذلك الحين حل الدمار بالبلاد، فصرخ بنو اسرائيل من الوباء.
رجاؤنا يجب ان يكون في داود الحقيقي. ثم رفع عينين ضارعتين الى السماء وصلى:
وان كنا ﻻ نستطيع ان نصرخ ونتضرع اليك يا رب لتفعل على اساس من نحن، فاننا نستطيع ان نتضرع على اساس من انت.
لقد بشر اﻻنبياء الكذبة بصورة غير متوازنة. كانت كلماتهم ادعاءا عن رسالة السلام الذي ﻻ تعكر صفوه الدينونة، بينم تنبا ارميا “بالسيف والجوع والوباء” اﻻ انه تطلع ايضا الى ما بعد الدينونة. تطلع فراى الرب يسترد كل شئ. انه يفعل ذلك ﻻن محبته لشعبه عادلة انها محبة تبقى ثابتة.
مشى كالب يذرع الغرفة ذهابا ومجيئا هنيها ثم سال: محبة الله عادلة و ثابتة؟ ما علاقة محبته اذن بالكفارة؟
انها فقط وجوب توفر شرط اساسي في الطريقة التي اختارها ليسامح الخطاة ويصالحهم لنفسه. وهي اﻻ يكون ذلك على حساب طبيعته التي ﻻ تتفق مع خطاياهم. يجب ارضاء عدل الله وشريعته ونظامه اﻻخلاقي – اي يرضي نفسه. هذه الترضية او الكفارة هي ما حدثنا عنه الوحى “رائحة سرور” تشتعل النار ويتصاعد الدخان في الذبيحة كناية عن سخط الله ﻻنه اله غيور. نار اكلة”.
ذهل اتريتيس حيال ما قاله كالب. كانت عيناه تتلالا بالدموع وساءل نفسه عن غاية كلامه. يعرف كل اب وام ما معنى ان تتنازع عواطفهم حتى تكاد تمزق المرء انها ثمن المحبة الباهظ وﻻ سيما عندما تدعو الحاجة الى معاقبة اﻻوﻻد. الم اﻻبوة” اشار اليه هوشع عندما كنى عن اسرائيل “غلامه او ابنه” الذي علمه المشي وهو يضمه بين ذراعيه وقد اطعمه، اﻻ انه اختار اﻻرتداد. فهو يستوجب العقاب. لكن هل يستطيع اب ان يحمل نفسه على معاقبته؟
قال بصوت متهيب: اسمع كالب! هكذا يناجي الهنا يهوة نفسه: “كيف اجعلك يا افرايم؟ .. كيف اجعلك كصوبييم؟ قد انقلب علي قلبي. اضطرمت مراحمي جميعا. “. في النهاية يختم كلامه بانه نادم عن الشر الذي اراد ان يصنعه فيقول “ﻻ اجري حمو غضبي.. القدوس في وسطك فلا اتي بسخط”. صورة تكررت كثير في تاريخ تعاملات الله مع البشر.
يبدو لي سؤال النبي “كيف..؟”، صراعا !
بالفعل، هو صراع بين ما ينبغي ان يفعله يهوة بسبب بره الذي يأبى الشر ، وبين ما ﻻ يستطيع ان يفعله بسبب محبته.
كفاية. توقف! اتعبر عن الله بهذه الثنائية؟ الصراع في داخل الله. اﻻنقسام. كيف ذلك؟ كفى تجديفا يا اخي!
وبدا كالب وكأنه ينتظر اﻻ اجيب.
فقال بثقة وهو يوجه نظرة صريحة: اسمع يا كالب. الكتاب المقدس ملئ بهكذا تعبيرات. يقول النبي “في الغضب يذكر الرحمة”. “مملوءا نعمة وحقا”. “الرحمة والحق التقيا”. “هوذا لطف الله وصرامته”. ﻻ يوجد اي شذوذ في تعليم كهذا. الطبيعة الثنائية لله تمثل السر المركزي في اﻻعلان المسيحي. ﻻ يمكن ان تعلن طبيعة الله اعلانا شاملا مستوفى بكلمة واحدة.. هذه الفكرة اﻻحادية تدمر معرفتنا عن الله وحقيقة اعلانه عن الكفارة. لذلك فصليب يسوع هو المكان الوحيد الذي نلتقي فيه مع اﻻعلان الكامل عن الله.
قطب كالب قائلا بجفاء: هل تستطيع ان تقرا وتكتب وتحسب يا اتريتيس؟
نعم.
واخرون يستطيعون ذلك ايضا.
تجهم وجهه لبرهة ثم تبسم اذ عرف اﻻم يرمي كالب:
بالطبع يا كالب! ربما ﻻ زلت ﻻ تفهم تمام الفهم. وانا مثلك ما زلت لم اصل الى تمام المعرفة.
نظر كالب بتعجب: يعني ذلك اننا متعادلين.
قاطعه : ليس تماما. يعني اننا على نفس الدرب سائرين. هذا ما دعا احدهم ان يقول: ان الله احبنا بطريقة رائعة، حتى حين ابغضنا.
تنهد ثم قال بحماس تخالجه شفقة: ﻻ تمثل الثنائية صراعا كان الله في خلاف مع نفسه. حقا انه من الصعب ان نحتفظ في اذهاننا على الدوام بصورة الله القاضي الذي يقتص من اﻻشرار، مع صورة الله المحب الذي يجب ان يجد طريقة ليسامحهم.
ان قداسة محبة الله هي التي استدعت الكفارة. اي لو لم يكن الله قدوس لما كان هناك حاجة للكفارة.. فلا يجوز ان نتصوره الها متساهلا يقبل ان يعرض قداسته للمساس ﻻنه يابى ان يستخدم عصاه. وﻻ يجب ان نعتبره الها قاسيا ﻻنه يقمع محبته لكي يسحقنا ان اخطأنا.
انقبض كالب حين فتح فمه فخرجت الكلمة هواءا دون ان تسمع: اي خطب حل بنا.
اعاد القول واردف بغضب: العلنا نجيب على السؤال بان نقول: الله ضحى بنفسه ﻻجل نفسه، بغية ارضاء نفسه.
وتمتم: اﻻحرى ان نقول الله، ارضاءا لنفسه، ضحى بنفسه ﻻجلنا.
*
قال كالب بحماس: كيف استطاع الله ان يعبر في ان واحد عن قداسته بالقصاص ومحبته بالعفو؟ عفو وقصاص معا. كيف ذلك؟
وعاد اتريتيس يجيب: استطاع ذلك فقط بتامين البديل اﻻلهي. بحيث يتلقى البديل القصاص، وينال الخاطئ العفو و التبرير.
بادرة بنظرة ذهول وقال باستهانة: كلام غير مقنع ومتناقض!
احنى اتريتيس راسه وصلى: يا الهي اعطني اﻻجابة، ليس بكلام اﻻنسان المقنع بل ببرهان الروح والقوة.
وامتد الصمت لثوان وابتسم وقال:
انت نعجب مثلما يعجب كل يهودي، من ايثار موسى كليم الله، عندما عبّر عن تفضيله ﻻن يمحى اسمه من سفر الحياة في مقابل خلاص شعبه. وكذلك نحن المسيحيون نحترم رغبة مماثلة عند بولس حين يقول في احدى رسائله “كنت اود لو اكون انا محروما من المسيح من اجل اخوتي..”.. ويوجد في كل عصر قصص مؤثرة عن التضحية بالذات مثال ماكسيميليان كوالبي الذي تطوع امام السلطات ان ياخذ مكان محكوم اخر ليعدم. اذن ليس من المدهش ان الله الكلي الحب ان يكون طبق على نفسه مبدا البدلية هذا. من الجلي ان النبي ميخا فهم مبدا البدلية هذا. وان سؤاله الذي ناجى به نفسه عن الوسيلة التي بها ينال الغفران حين قال “هل اتقدم للرب بمحرقات.. انهار من الزيت .. او بكري عن معصيتي، ثمرة جسدي عن خطيتي؟؟؟”(6: 6-8). ان الجواب اﻻخلاقي الذي رد به على سؤاله عوضا عن الجواب الطقسي، وﻻ سيما رفضه للفكرة المرعبة في تقديم ابنه عوضا عن نفسه، هو “اريد رحم ﻻ ذبيحة”. وﻻ يعني بكلماته هذه رفض البدلية الذي بنى عليه نظام الذبائح.
واستطرد: حتى التقدمات .. حتى تقدمة القربان لكونها شاذة – اذ ﻻ تحوي سفك دم- فقد كانت ﻻ تقدم منفردة بل مرافقة لذبيحة ما، وهكذا تختلط تقدمة قربان الدقيق مع دماء الذبائح اﻻخرى على المذبح.
قاطعه: من هو البديل؟
المسيح طبعا. ان الصور التي تصور اﻻب غاضبا ويعاقب ابنه. او التي تصور المسيح كشفيع يقنع اﻻب بالعفو لها مرجعية كتابية واﻻ لما طورها المسيحيون لتفسير خلاص المسيح. التصور اﻻول صحيح “الله دان الخطية في جسده”.. “قدمه كفارة”..
هازئا قال: اب يعاقب ابنه.. صورة اجدها منفرة قاسية!
تردد اتريتيس في اﻻجابة. لم يكن يريد ان يستطرد في مباحثة غبية:
ثم قال بصرامة فاقت جديتها حديثه كله الى اﻻن:
كلانا يعرف قصة ابراهيم وهو يقدم ابنه محرقة. اتجد هذه الصورة منفرة قاسية.. او حتى مشهدا من اب بدى انه يجن؟
واردف: طبعا، ﻻ. ليس صحيحا ان الله ارغم المسيح على فعل ما لم يكن هو راغبا فيه او ان يسوع كان ضحية لعدالة الله القاسية. ينبغي اذن اﻻ نقول ان الله عاقب يسوع، او ان يسوع اقنع الله. ﻻن ذلك بمثابة جعل كلا منهما معارضا للاخر، وكانهما يتصرفان مستقلين او حتى في نزاع. فلا يجوز ان نجعل المسيح هدفا لعقوبة الله، او ان الله الطرف المقصود اقناعه من قبل المسيح. ﻻن الله والمسيح كليهما فاعلين ﻻ مستهدفين اذ اخذا كلاهما زمام المبادرة لتخليصنا نحن الخطاة.
تساءل متنهدا:
فلم يصلي المسيح “الهي الهي لماذا تركتني؟”. ان كان الله الذي اخذ طبيعتنا متروكا من الله. فكم بالحري نحن؟
قال اتريتس: احذر يا كالب ان تخلط بين اﻻب واﻻبن. ان كان اﻻب بذل اﻻبن فاﻻبن بذل ذاته كذلك. وان كان كاس جثسيماني رمز لغضب الله فهو ايضا قد اعطى من قبل اﻻب. ان كان اﻻب ارسل اﻻبن فاﻻبن جاء الى العالم ولسان حاله يقول “هنذا قد جئت ﻻفعل مشيئتك”. اي لم يضع اﻻب محنة على اﻻبن لم يرد حملها، وﻻ اﻻبن انتزع الغفران من اب كاره له.
احدى الترانيم تنشد بالكنيسة تقول:
انتصبت خشبة الصليب عاليا في الهواء
يحيط بها الضوء من كل جانب.
بدت اكثر تالقا من فروع كل اﻻشجار
تالقت بوميض الذهب وابرقت بلمعان الفضة
تالقت حول قاعدتها الجواهر مومضة..
ملك كل البشر اتى على عجل
متحمسا بشجاعة و للصليب ارتقي
القوي الثابت خلع ملابسه،
تسلق الخشبة ثابت العزم
صعد امام الكل ليفدي سائر البشر
ثمة شئ يقف عاجزا عنه العقل
ثمة كنز تقبله الروح فقط باﻻيمان.
طاطا كالب راسه بينما راح اتريتيس ينشد ترنيمته هذه بصوت عذب. كان وجه اتريتيس يتالق بفرح .. كان يخالجه شعور اشفاق “اه يا الهي اذ فتح كالب قلبخ لك. لو لم يكن قلبى مقسى جدا.
واراد لو لم يكن هو نفسه مؤمنا لكي ينال ابن خالته اﻻيمان.
ساد الصمت وكان الصوت الوحيد هو صوت كالب يدق. بدا كانه يحارب نفسه في قتال عنيف.
كانت كل كلمة قالها اتريتيس له اليوم كانها صفعة على وجهه لا بل منخاسا لقلبه. اترى ماذا يفعل لكي يؤمن؟ بدا له اﻻيمان عميقا جدا كمحيط ليس له قاع. ناظرا في عينيه بين برهة واخرى، شاعرا بخزي دون ان يتمكن من ادراك السبب. العله قصور ادراكه. اذن فليلحق به العار الى اﻻبد. انه لم يشعر بخطر التيه كما اليوم. بدى له وكانه احد افراد بنو اسرائيل تائها في برية سيناء. سأل بهدوء: قل لي، كيف لك هذا اﻻيمان؟ اعني كيف حصلت عليه؟ اقصد، هل يمكنك ان تفسر لي عدم ايماني؟
(يستكمل)