كان رئيس العصابة شابا في العشرينيات، لحية صغيرة مدببة، و شعر اسود مسترسل يتدلى على ظهره، نظرة الي يعقوب نظرة حادة ثم قال:
قل لي ما هو عدد الحملان الجيدة؟
اجاب بسرعة: مئة وثلاثون.
وكم هو عدد ﻻناث بينها؟
تلعثم في البداية ثم قال بصوت اجش ربما ليخفي اضطرابه:
اربعون!
كان يجول ببصره، ثم التمعت عيناه فجأة حين وقع نظره علي احداها:
انظر الى هذا الكبش. انه كالقائد. ارى انه ﻻ يضيرك ان تستبدله باخر.
وتابع يقول:
عليك ان تدفع لنا في كل سنة مقدار ما تدفعه ﻻبيمالك. و بالمقابل نتركك ترعى منذ الان بسلام. انه عرض مغر، أليس كذلك؟
ان هذا مساومة.
ان كان يعجبك!
ثم قهقه ساخرا:
او ﻻ يعجبك. ما من فرق.
امال يورام راسه نحو يعقوب هامسا:
سيدي يعقوب. انه من بني عناق. وﻻ يمكنك ان تفعل شيئا.
صه. لو كان عيسو يساعدني في رعاية الغنم لما حصل هذا.
سيدي عيسو يحب الصيد. انه يعشق جلب الفرائس.
انه يحب رحلاته التي ﻻ تنتهي. يدعي انه يربح بالصيد عشرة اضعاف ما اتكسبه انا من رعي الغنم.
غادر كانت السماء تنشر فوق السهل قبة تتلألأ فيها الشمس باشعتها الذهبية ، مرسلة ضياءا باهرا على الصخور والعشب بخضاره الزاهي. جلس يعقوب وعبده يورام القرفصاء في ظل احدى الصخور، فتح بؤجته واخرج كسرة خبز و اداما وجلسا ليتقوتا:
قوال يورام بفخر: هذا القطيع كنز فعلا يا سيدي.
نظر يعقوب الى عبده، بامكانه ان يحس الفخر الذي يشعر به من بريق عينيه. اغمض يعقوب عينيه، بامكانه ان يعود بذاكرته سنوات خلت. فمنذ طفولته وقد احب سكنى الخيام، ومنذ ان وعى للدنيا وهو يجد في رعى اﻻغنام رزقه، لكن رعاية الاغنام ليست اسهل شيئا على اﻻطلاق. كان قد تخلص للوقت من احد قاطعي الطرق وقد افتدى قطيعه بكبش. علاوة على ما قد يتعرض له القطيع في مرات كثيرة من هجوم الحيوانات المفترسة، علاوة على ما يجده من مشقة في تقلبات الجو، والترحال لمسافات طويلة. ان الرعي عمل مضن. يحتاج الى طاقة هائلة من الحب لا تتوفر في كل شخص، والا لكان قد وجد من اخيه عيسو عونا له. القى ظهره مستندا الى الصخرة خلفه. ومد بصره متنهدا وقال:
نعم. ولكنه يحتاج الى جهد يفوق قدراتي بعشرة اضعاف.
كان قد انتهيا من تناول الطعام. فسحب العبد البؤجة وضم فيها ما بقى من كسر الخبز واﻻدام، وجعل يحكم ربطها. وراح يقول وقد غلبت عليه مشاعر الاعجاب بسيده:
ولكنك يا سيدي تعرف ان تقوم بعملك جيدا. ان القطيع تضاعف عشرة اضعاف عن العام الماضي.
سحب يعقوب نفسا هادئ ثم قال:
لوﻻ معونة اله ابي، ما كنت تحملت مشقة رعايتها يوما واحدا.
لكن ما من احد يشعر انك غير سعيد.
لست اعتقد ان غاية الحياة ان يكون المرء سعيدا، بل هي ان يخدم. هي ان يكون نافعا.
فقال: بالنسبة الى عبد، ربما كان هذا صحيحا. ثم حوّل نظره الى سيده: لكن الى ابن … فاشك!
قال يعقوب: نعم ابي اسحق موسر وقد باركه الله كثيرا. لكن ، دعني اسالك سؤاﻻ يا يورام!
فقاطعه: ما انا حتى تسالني عن اي شئ؟ الدي حكمة حتى انقلها لك؟ انا مجرد عبد.
رفع نظره فوجد احدهم قادم.
فتابع: انظر سيدي. ربما مشتر قادم نحونا. انك يا سيدي لست فقط ناجحا في رعاية اﻻغنام، بل انت تعرف كيف تجري صفقات.
راقب يعقوب حتى اقترب الرجل وتبادﻻ التحية.
قال الرجل: هل انت يعقوب بن اسحق؟
يعقوب:ماذا تريد؟
اطلق الرجل نظرة حوله ثم قال: كبشا و 3 خراف.
يعقوب:اذا اذهب الى والدي ان كنت تريد شراء شيئا.
مشتر: لقد ذهبت وقالت لي امك. ان اتكلم معك.
يعقوب:ستدفع لي 30 قطعة فضية وقطعة ذهبية.
مشتر: كان والدك ليطلب مني اقل من ذلك.
يعقوب:ان لم يعجبك السعر يا سيدي. فانا متاسف جدا. وداعا.
مشتر: معك حق. ساشتري منك الخراف.
*
اسحق: قمت بصفقة جيدة يا يعقوب. انا مسرر منك اﻻن.
يعقوب:لقد قت بصفقة جيدة بالفعل.
اسحق: انك تجعلني رجلا اغنى مما كنت عليه بني.
يعقوب:لم يكن امام اولئك التجار اي خيار اخر.
*
رفقة: النبيذ يجعلك تشعر بتحسن.
اسحق: ان يعقوب طيب. دائما يجعلني قاد را على شراء جماﻻ وخرافا بالمال الذي يكسب. بصراحة احب يعقوب. لكن عندما ياتي عيسو بالفريسة التي تطبخينها مع اﻻعشاب يبدو لي كالملاك.
رفقة: هذا ﻻنك نهم طماع يا اسحق. ﻻ اصدق انك كعيسو تستمتع بالعيش والطعام، بينما ابنك اﻻخر يعقوب يعمل على الدوام من اجل الجميع.
يعقوب: هيه. لكني احب ان اكل ايضا يا امي.
اسحق: انظري يا عزيزتي! حتى يعقوب نفسه يؤيدني.
يعقوب:ماذا تطبخين يا فتاة.
فتاة: هل انت جائع
يعقوب:هل وضعت توابل في القدر مع العدس اﻻحمر
فتاة: بالطبع ساسكب لك صحنا وسوف اكله.
اسحق: عيسو انت بهجة شيخوختي.
عيسو: لقد عدت يا ابي! اشتريته من تاجر في احدى الواحات خلال سفري
اسحق: انك دائما حنون يا بني
عيسو: انني جائع يا امي
رفقة: اتبع الرائحة ستجد بعض العدس اللذيذ
عيسو: هذا العدس يكاد افقد الوعي
فتاة: اذن عليك ان تاكل حتى ﻻ يغمى عليك. وعليك اﻻنتظار.
يعقوب:كيف تقولين ذلك. انه متعب وفي حاجة الى الطعام
فتاة: انا اسفة يا يعقوب. لكن اما تاكله انت او هو
عيسو: هل انت فعلا جائع يا يعقوب؟
يعقوب:هل تريد صحن العدس خاصتي؟ اذن سوف اعطيك اياه!
عيسو: ماذا تريد في المقابل؟
يعقوب: اريدك ان تتنازل عن حق وﻻدتك لي!
عيسو: ﻻ معنى للبكورية طالما العدس مفقود
يعقوب: هل فعلا ستعطيني حق البكورية مقابل هذا الطبق؟
فتاة: وانا اكون الشاهدة!
عيسو: انت حقا طباخة ماهرة ولكنك لن تكوني شاهدة.
رفقة: هل تثقان بامكما؟
اﻻثنان: هيه!
رفقة: اذن ساكون شاهدة
فتاة: خذ العدس والملعقة ايضا.
عيسو: انتظرت كثيرا للحصول على العدس
يعقوب: واﻻن انا من سارث قطعان ابي
عيسو: بالتاكيد يا اخي. اما انا فدائما احمل ثروتي معي. عضلاتي وسيفي.
يعقوب: اوه، كم جملا لديك.
**
يعقوب: لديك 120 جملا صغيرا وتسعون جملا بالغا
اسحق: يجب ان تخبرني بعدد الخراف
يعقوب: 4000
اسحق: وكم قطعة فضية؟
يعقوب: لديك 3000
اسحق: سعيد انني ساترك عيسو قويا
رفقة: لكنك سوف تترك جزءا من ثروتك ليعقوب ايضا؟
اسحق: بالطبع لكنه ليس في حاجة اليها انه ماهر. ويعرف كيف يبيعقوب: ويشتري. يعرف كيف يصبح غنيا.
رفقة: هذا ليس منصفا ابدا يا يعقوب. لقد عملت طوال حياتك ﻻجلما، ولم تحصل على شئ. لم يعمل عيسو بتاتا ويريد والدك ان يعطيه كل شئ.
يع ان كانت القوانين ليست عادلة فالخطا ليس من ابي.
رفقة: القوانين ليست عادلة ابدا. دعني اهتم انا باﻻمر. انت تعرف ان اﻻهم هو البكورية وحق الوﻻدة سيكون لمن يباركه منكما. واﻻن اذهب واحضري قطعتي من جلد عنزة
يعقوب: ستحل علي لعنة!
رفقة: لا يهم اطعني فحسب.
يعقوب: ساطيعك يا امي فقد عملت لوالدي طوال حياتي.
اسحق: انا اعمى ولكني اشتم جلد العنزة التي يرتديها عيسو! ها هو يقترب! ان اشتاق الينا لطالما احضر الينا افضل فرائسه.
(يدخل يعقوب ويتلو عليه اسحق البركة)
**
مشهد 3:
اسحق: لماذا احضرت المزيد من الطعام يا ابني؟
عيسو: لكني ابنك البكر . واحرت ما طلبته.
اسحق: اه بفضل بركتي اصبح يملك كل شئ واصبحت انت فقيرا.
عيسو: اذن لقد خدعت يا ابي.
اسحق: كلا …. اوه… كلا…(يصرخ .. باسف ) لقد جعلته سيدك!
عيسو: هل لديك بركة واحدة يا ابي ؟ اﻻ تستطيع
اسحق: ستخدم اخاك وحين تتمرد سترمي فقط نير العبودية المعلق على رقبتك.
عيسو: ستدع يعقوب يخدعك بهذ الشكل؟
*
عيسو: (موجها كلامه الى اثنين من عبيده): اذهبا وابحث عن اخي. لن ادعه يهرب مني ابدا!
رفقة: اهرب الى حاران وابق معه حتى يخمد غضب اخيك. حينئذ سارسل احدا ليحضرك. ﻻ اريد ان احرم من ابنائي.
عانى يعقوب من ارض حاران حيث عبدت اﻻوثان. لكن خلال غربته بقى مخلصا لله اﻻله الواحد القدير الذي اخلص له جده ابراهيم واوﻻده.
*
مشهد 4
صراع الملاك مع يعقوب:
(صوت الراوي): روبين شمعون يهوذا …الخ. انهم اوﻻد يعقوب.
الملاك: ارجوك دعني اعبر هذا النهر اﻻن.
يع: اه.. اه…
الملاك: يجب ان اذهب اﻻن! لقد جعلتك تصارعني بما فيه الكفاية!
يع: كنت تختبرني! لن ادعك. هل تسمعني؟
الملاك: اخبرني ما اسمك؟
يعقوب: يعقوب!
الملاك: من اﻻن تسمى اسرائيل ﻻنك تعاركت مع الرجال وربحت
يعقوب: واﻻن ما هو اسمك ايها الملاك؟
الملاك: لماذا تسالني؟ انت تعرف من اكون. انا اباركك يا اسرائيل.
يعقوب: لقد رايت يهوة وبقيت حيا. من اﻻن فصاعدا ساسمى المكان فنوئيل.
*
مشهد 5
رجوع يعقوب الى كنعان ومقابة عيسو
عيسو: انا لست بحاجة اليها لتكن لك.
يعقوب: ارجوك اقبلها مني. انها اشارة منك. علامة مسامحتك اياي.
(يستكمل)