-21-
تحرير العبيد
كان ابراهام لنكولن يكره نظام العبودية الى اقصى حد. ولكنه كان يدرك عدم امكان اطلاق حريات العبيد دفعة واحدة. ودون ان يتم تعويض ملاك العبيد.. وكان يعرف جيدا ان مثل هذا القرار سيغضب الولايات الجنوبية.
وكان الهدف الاول هو اعادة توحيد الامة وعدم انقسامها، وكتب في هذا الشأن: “ان اهم اهداف هذه الحرب الاهلية هو اعادة توحيد الامة. ولو كان في استطاعتي ان احقق هذا الهدف دون تحرير العبيد لفعلت.. ولو كان في استطاعتي ان احقق الهدفين معا لفعلت على الفور؟.
وبينما كانت الحرب مستمرة كان لنكولن يقول دائما ان من المستحيل ان تكون هناك دولة موحدة نصفها من العبيد ونصفها الاخر من الاحرار..
وكان عليه ان يتخذ قرارا شجاعا..
فبينما كانت الحرب دائرة.. وقع على وثيقة في غاية الاهمية. اعلن فيها تحرير جميع العبيد في الولايات المنفصلة التي اعلنت الحرب على الاتحاد. وكان معنى هذا القرار هو اعلان تحرير نحو 3 او 4 ملايين من العبيد عند انتهاء الحرب لصالح الاتحاد.
-22-
خطبة جتسبورج
وقعت اشرس معارك هذه الحرب في منطقة جتسبورج .. وقد نظم اجتماع كبير في نفس المكان الذي دارت فيه تلك المعركة الكبيرة، وذلك لتكريم الجنود الذين قتلوا من الجانبين. وحضر الاجتماع عدة الاف من المناطق المجاورة وذلك للاستماع الى الخطب التي سوف يلقيها مستر ايفريت ممثل الجنوب وابراهام لنكولن رئيس الولايات المتحدة الامريكية.
وكان مستر ايفريت عميدا لاحدى الكليات.. وعلى علم واسع متمكنا في فن الخطابة.
ووقف مستر ايفريت والقى خطبة جاوزت الساعتين.
ولم يكن امام لنكولن كثير من الوقت ليعد خطبته.. لدرجة انه انتهى من كتابة خطبته قبل ان يشرع في التوجه الى جتيسبورج بدقائق قليلة.
وقف لنكولن امام هذا الجمع الحافل بجسمه الطويل النحيف ووجهه الذي ترتسم عليه ملامح الحزن .. ظل صامتا لحظة. ثم بدأ يتكلم كما لو كان لا يرى كل هذا الجمهور امامه.. تكلم ببطء ولكن بصوت مرتفع لمدة 3 دقائق ثم جلس على مقعده!
وعندئذ التفت احد الرجال الجالسين جوار “مستر ايفريت” وقال له: “يبدو انه فشل في الرد على خطبتك.. اني اسف له اشد الاسف”.
ولكن لنكولن قدم اليهم الخطبة مكتوبة .. وما ان قرأوها حتى تبين لهم وتبين لجمهور الحاضرين نبل المعاني التي تضمنتها.
كانت مكتوبة بلغة انجليزية رفيعة المستوى .. وقد اعتبرت هذه الخطبة من اعظم الخطب السياسية والوطنية في العالم. وقد اشتهرت خاتمتها التي تقول:
“ستشهد هذه الامة برعاية الله مولدا جديدا للحرية.. وان الحكومة التي اوجدها الشعب لصالح الشعب لن تختفي من على وجه الارض!”.
-23-
نهاية الحرب
وفي سنة 1864 اعيد انتخاب لنكولن مرة ثانية رئيسا للولايات المتحدة الامريكية .. وكان له اعداء كثيرون كانوا يعملون على اسقاطه.. ولكن الاغلبية من الناس العاديين كانوا يثقون به. وفي بداية فترة رئاسته الثانية كانت هناك بوادر لانتهاء الحرب لصالح جيش الاتحاد.
وعندما ادرك لنكولن ان الحرب على وشك ان تنتهي شرع يضع الخطط لما بعد الحرب. كان عليه ان يقرر كيفية اعادة الولايات الجنوبية المهزومة مرة اخرى الى الاتحاد.. وكيفية اعادة السلام بين الشمال والجنوب.. وبين الذين كانوا يكرهون بعضهم ويقتلون بعضهم ليعيش الجميع كامة واحدة ..
-24-
اغتيال الرئيس الامريكي
ولكن كانت تيارات لا تريد لكل تلك الاحلام ان تتحقق. كان هناك شاب جنوبي يدعى “جون بوث” يكره الشماليين كلهم . وقد وضع هذا الشاب خطة لقتل الرئيس منذ مدة.. وفي مساء 14 ابريل 1865 ذهب الرئيس ومعه زوجته الى احد المسارح.. وتسلل بوث بهدوء الى المقصورة وصوب مسدسه الى رأس الرئيس من جهة الخلف وقفز الى خشبة المسرح وانطلق الى حصان كان ينتظره عند الباب الخلفي..
ولا يمكن وصف مشاعر الناس وحزنهم على اغتيال الرئيس.. ونقلت جثته في قطار حملها الى مسقط رأسه “سبرنج فيلد” بولاية الينوي. وما زال ذكراه موضع احترام وتبجيل الشعب الامريكي ويعد احد الرؤساء الثلاثة العظام: واشنطن، وابراهام، وروزرفلت.