الارجوحة

23413

اظن انه لا يوجد من لم يلعب لعبة الارجوحة . انها لعبة جميلة وتشبه من وجوه كثيرة الحياة التي نحياها في هذا العالم الكبير.

منذ مدة ليست بعيدة سمعت عن ولد صغير وبنت صغيرة كانا يحبان احدهما الاخر حبا شديدا جدا، وكانا يلعبان معا في الحديقة العابهما المختلفة التي كان من ضمنها الارجوحة. وفي احد الايام سمعت المربية الولد يبكي بكاءا مرا فجرت نحوه الى الحديقة وهناك وجدته منطرحا على الارض ووجهه نحو العشب ووجدت زميلته الصغيرة جالسة على طرف الارجوحة وهي تنظر بحيرة نحوه.. وسألته المربية عدة مرات عن سبب بكائه فلما استطاع ان يلتقط انفاسه اجابها قائلا: “انا اريد ان ارتفع عندما ترتفع هي وانزل عندما تنزل هي”. ألم يكن طلبه هذا في منتهى الحماقة؟ بالطبع كان طلبه مستحيلا! ما كان يستطيع الصعود الا بنزول زميلته وما كان يستطيع النزول الا في حالة صعودها. وما كان تغيير هذه الحالة في حيز الامكان حتى لو ظل يصرخ الى نهاية الزمان!

عزيزي! في بعض الاوقات يتحتم ان تنخفض لكي يصعد الاخرون. ومن ناحية اخرى فان ابائنا وامهاتنا كدّوا وضحوا باشياء كثيرة لاجلنا. ونحن نقرأ عن يوناثان الذي تنازل عن حقه في الملك كي يستطيع صديقه داود ان يلبس التاج ويجلس على العرش. وكان يوناثان سعيدا بذلك وهو يفكر ان بنزوله يصعد داود.

حمل يسوع الصليب حتى تستطيع انت وانا ان نلبس الاكليل ووجد في ذلك سعادة بدليل قوله “ان افعل مشيئتك يا الهي سررت”. ونحن ايضا يمكننا ان نشعر بالسعادة ونحن نحمل الصليب لكي يلبس اخرون الاكليل –  الكلمات التالية كتبها شاعر كبير تروي نفس القصة وتقدم نفس الدرس:

لما كان يسوع طفلا انشأ حديقة

غرس فيها كثيرا من الورود الجميلة

وكان يرويها ثلاث مرات في اليوم

ليتيسر له ان يعمل من ازهارها اكليلا لرأسه

***

فلما جاء وقت الازهار

دعا الطفل الالهي اصدقاءه الاطفال

ليشاركوه فرحه برؤية حديقته

فمزقوا زهوره شر تمزيق

ولم يتركوا الحديقة الا وقد اضحت خاوية

***

ثم قالوا له باستهزاء:

“من اين ستصنع اكليلك وقد ماتت كل ورودك؟

فاجاب بابتسام:

“لقد نسيتم الاشواك، فهي باقية من نصيبي”

فضفروا له اكليلا من شوك،

ووضعوه على رأسه بخشونة،

فصار اكليلا لجبينه،

وبدلا من الورود الحمراء رصعت جبينه الدماء