
احب مداعبة الاطفال كثيرا. في احد المرات توقفت امام مجموعة من الصبية يلعبون بالكرة. كان الشارع في الاحياء الفقيرة يمثل لهم الحرية والانطلاق في الحركة واللعب. الانانية تلف الاطفال عموما، ونفعيتهم هي الاساس. كم من الجهود يكلفون اهلهم ليتخلصوا من انانيتهم، وليتعلموا ان يجب بعضهم البعض. ولكن هل ينجح اهلهم؟ وهل يدرك كل الاباء والامهات ضرورة ذلك؟ كيف استطيع ان اكون انسانا الا من خلال تعليم وتربية ابي وامي اولا ثم من خلال احتكاكي بالناس اجمعين؟
واليكم ما دار بين هؤلاء الصبية.
– يا اولاد! اتحبون اللعب؟
– كثيرا.
– ايحب كل واحد منكم اباه وامه؟
– نعم.
– الى اي مقدار؟
صاح الجميع واختلطت الاصوات. احد الفتية فتح ذراعيه وهو يقول”اد الدنيا كلها” واخر “اد البحر” ..
– اذا ماذا عن اخوتكم. هل تحبون كل واحد منكم اخيه؟
صاح واحد:
– ماذا عني ؟ انا ليس لدي اخ.
– هل تحبون كل واحد منكم كل الاطفال مثلكم؟
– لا.
– لماذا؟
– هناك اطفال يضربوننا ويكرهوننا.
– ماذا يعلمكم اهلكم عنهم؟
– ان نضربهم كما يضربوننا.
– لماذا يضربونكم؟ الم يتعلموا من والديهم ان يحبوا كل الناس؟
– لو كانوا يحبون كل الناس لما تخاصمنا او تشاجرنا.
– واهلكم، الم يعلموكم ان تحبوا كل الناس؟
– لا. لماذا نحب كل الناس؟
– انهم اخوتكم.
– كيف؟
– واشار كل واحد منهم الى اخيه.
قلت:
– والباقون؟
– نلعب فقط معهم.
– لو لم تكونوا تحبون بعضكم بعضا لما لعبتم سوية.
ذهلوا للملاحظة وبدا عليهم للحظات علامات التفكير. فانتظرت قليلا ثم قلت:
– الان انت تحبون بعضكم بعضا. وكلما اصطنعتم اصدقاء جدد احببتموهم حتى تصيروا تحبون كثيرين. وهؤلاء الكثيرون سيحبونكم ايضا. والانسان يفرح كثيرا عندما يشعر بمحبة الاخرين به. الا تحبون ان تكونوا محبوبين من كل الناس؟
– نعم.
– اذا المحبة شئ جيد.
رفع واحد منهم اصبعه وهو يصيح:
– استاذ، استاذ! هل تحب تسمع مني نكتة؟
اومأت برأسي، وقلت:
– احب كثيرا، على ان تكون نكتة جيدة.
– بالتأكيد. واستطرد يقول: توجد سيدة عجوز تسكن في بنايتنا، وهي شديدة الانطواء والخجل. في احد المرات نادت عليّ وقالت.. وهنا توقف الصبي وراح يبحث عن الجمل التي ستساعده على اتمام القصة او بالاحرى الفرية. استطرد:
– قالت: نعم قالت لي : “يا ابني ، اذهب الى الصيدلية و..
وانفجر ضاحكا قبل ان يشعر المستمعون برغبة في الضحك. فكانت ضحكته المسبقة ، على عكس ما كان ينتظر. بينما بدر من بعض الصبية، وكذلك مني ابتسامة..
استطرد:
وفيم هي تكلمني، هبت ريح عاتية فأطارت القبعة .. وانتابته موجة ضحك عنيف استطاع خلالها ان يتمتم “فعرف كل الناس ان السيدة ….” دون ان يستطيع ان يتمم اقصوصته.
وهكذا انتهت الفكاهة الرائعة .وعلى الرغم من ان احدا لم يفهم لم روى تلك الحكاية الا ان الجميع ضحك بسبب ضحكه هو.
قيّم هذا المحتوى من فضلك: