-11-
لنكولن صاحب متجر
عمل لنكولن كبائع في متجر، ولكن يبدو ان عمله كبائع في متجر كانت تجربة مميزة.. فقد اشترك لنكولن مع شخص يدعى “بيري” في شراء متجر لبيع الحاجيات. ولكن لا هو ولا بيري كانا يملكان كثيرا من النقود لذلك فقد اقترضا بعض الاموال حتى يتمكنا من شراء المتجر
ولكن هذه التجربة لم تحقق اي نجاح ، لعدة اسباب منها كثرة وجود المتاجر المماثلة في المدينة الصغيرة، ومنها سبب رئيسي يرجع الى لنكولن نفسه، فقد كان لا يقبل على عمله كبائع بالحماس الواجب، فقد كان منصرفا الى قراءة الكتب اثناء عمله بالمتجر.
-12-
في قاع البرميل
كان عدد الزبائن الذين يترددون على متجره يتناقص كل يوم . لذلك فقد كان لنكولن يجد فرصة اكبر لمواصلة القراءة دون الاضطرار لقطعها حتى يلبي طلب احد هؤلاء الزبائن.
وفي يوم ما جاء زبون .. كان شخصا مهاجرا الى الغرب ومعه برميل قديم يريد ان يبيعه حتى يواصل طريق هجرته. وكان لنكولن لا يريد شراء البرميل، ولكنه مع ذلك اشتراه من الرجل واعطاه نصف دولار ثمنا لهذا البرميل القديم.
وحين اراد لنكولن تنظيف البرميل والقاء ما به من اوراق قديمة، دهش كثيرا عندما عثر على كتاب قديم بقاع البرميل.. وكان كتابا في القانون.. كان كتابا لا يستغنى عنه المحامون.. وكان يبدو كما لو كان يقول للنكولن : “هانذا.. خذني اقرأني.. لقد ولدت لتكون محاميا”.
وقرأ لنكولن هذا الكتاب بكل الشغف وكل التركيز..
وفي احد الايام علم لنكولن ان شريكه بيري قد فر هاربا من المدينة الى مكان مجهول حتى يتنصل من الوفاء بما عليه من ديون.. وكان في وسع لنكولن ان يفر هو ايضا. او يفعل مثلما يفعل الكثيرون من غير الامناء.
ولكنه طلب من الدائنين ان يمهلوه الى حين ميسرة ووعدهم بانه سيرد اليهم اموالهم مهما اقتضى الامر.
وهكذا كلما استطاع لنكولن ان يدخر بعضا من المال كان يدفعها كلها وفاءا لهذا الدين..
ومن الغريب انه ظل يدفع اقساط هذا الدين لسبع عشر سنة متوالية.. حتى انتهى اخيرا من دفع جميع ما كان عليه من ديون.
-12-
لنكولن المحامي
وكانت السنوات التالية من حياة لنكولن سنوات صعبة حافلة بالجهد والعمل. فقد اكتسب محبة الناس واحترامهم. وربما كان نجاحه في الانتخابات واحتلاله مركزا مرموقا في حكومة الولاية يرجع اساسا الى اقتناع الفلاحين والبسطاء به وتأييدهم له، باعتباره شخصا بسيطا مثلهم يمكن ان يتفهم مطالبهم وامالهم ويستطيع ان يرفع صوتهم الى حكومة الولاية..
وعندما نجح في الانتخابات لاول مرة، ذهب الى احد اصدقائه المزارعين وسأله: “هل اخترتني في الانتخابات؟”. فلما اجاب المزارع بالايجاب، قال له لنكولن: “حسنا، انا اريد الان ان اشتري بعض الملابس اللائقة بدلا من ملابسي القديمة.. واريد ان اقترض مائتي دولار!”.
ولانه كان ما زال قليل الخبرة باعمال الحكومة فلم يحاول ان يتقدم او يتولى المناصب الرئيسية القيادية، بل عمل في صمت لخدمة الناس، واكتسب ايضا محبة واحترام زملائه في الحكومة.
وكان انتخابه لاول مرة في سنة 1834 يعتبر فاصلا بين مرحلتين في حياته.. فقد كان نهاية للمرحلة الفقيرة القلقة التي عاشها بين فقراء المزارعين الذين يرحلون من مكان الى اخر سعيا وراء الرزق او ما يسد رمقهم.. كما كان بداية لمرحلة اخرى من الحياة يحتك فيها بكثير من المثقفين واصحاب الافكار الجيدة.
وخلال السنوات الثماني التي قضاها لنكولن كعضو منتخب في الحكومة كان يدرس القانون ليل نهار. وبعد انقضاء هذه السنوات رحل الى مدينة سبرنج فيلد بولاية الينوي. وهناك التحق بمكتب محام كبير وبدأ ممارسة مهنة المحاماة. وكان عمره حينذاك نحو 29 سنة. ولم يكن في جيبه اكثر من 7 دولارات.