ارسلت للخدمة في السودان، وبالتحديد في مقاطعة “رنك”، لمدة أربع سنوات. وبينما كنت هناك (كنت أعيش على الحدود بين الشمال والجنوب، على الحدود بين العرب والافارقة. كان وقتا متوترا للغاية، كانت الحرب الأهلية قد انتهت لتوها، وكان الجنوبيون قد بدأوا حركتهم نحو الاستقلال، والذي حدث في 9 يوليو عام 2011م.
كنت أعيش، على بعد 250 ميلا الى الجنوب من الخرطوم على نهر النيل الأبيض. اي كنت على بعد 250 ميلا من اي شخص أبيض، إذا أردت شئ على سبيل الترفيه، فانت مضطر للسفر فى الطرق الذي يصل بين الجنوب والخرطوم، ولكن للقيام بذلك، كان عليك ان تعبر من خلال ما يصل إلى 50 نقطة من نقاط التفتيش العسكرية، مع مجموعات من البشر الذين لا يحبون البيض. أنهم لا يحبوني، وكان من المتوقع ان تتلقى خمس ضربات على قفاك حتى قبل أن تفتح فمك بالكلام. كنت بيضاء، أنثى، مسيحية، مبشرة أمريكية.
كنت هناك لمدة ثلاثة أشهر، بعدها حصلت على إذن للعودة.
لقد كنت هناك لفترة طويلة ، كان هناك أيام شديدة الصعوبة. كانت هناك أيام عندما جالت في ذهني هذه الفكرة الغبية، ما كان عليّ الانتقال ابدا إلى السودان.
ثم جاء شهر أبريل. أبريل هو حقا شهر شديد الحرارة في السودان. كنا نعيش على حافة الصحراء الكبرى. كان لدينا جالون واحد من الماء في اليوم لنستحم. كان علي ترشيح كل قطرة من المياه اريد ان ارتشفها او أنها ستقتلني، لأن هذه القطرة جاءت من النيل الأبيض، وهو على خلاف اسمه “نهر ليس ابيض على الاطلاق. لم يكن هناك كهرباء في البداية. لم تكن هناك اي وسائل للترويح. كنت ادرس للاطفال تحت سقف من الصفيح. ووصلت إلى النقطة التي بدأ إيماني فيها يهتز بعض الشئ.
أنا لم افقد الإيمان بالله. ما فقدته هو الثقة في دعوتي للخدمة، وعما إذا كنت فعلت حسنا بمجئ الي السودان.
وهكذا كتبت رسالة عبر البريد الإلكتروني – بعد ان ادخلت الكهرباء- إلى صديقة عزيزة.
كان الإنترنت في بداية دخوله الى السودان، كان الامر يمكنه أن يستغرق أسابيع لبريد إلكتروني للوصول. كتبت صديقتي هذه الرسالة. والتي هي بضعة اعداد من ترنيمة تقاول “تقدم يا شعبي .. وواصل المسير”
هذه الرسالة جاءت للرد على رسائلي التي بلغت طول احداها في الواقع 32 صفحة. كل يوم، وأود أن أقول انني كنت اكتب كل يوم صفحة وانا اقول: “حسنا، اعتقد ان شبكة الإنترنت لا تعمل اليوم، ولكن اسمحي لي ان اخبرك عما حدث معي اليوم.”
تلك الترنيمة يمكن أن تكون متفقة تما مع قراءة الإنجيل هذا الصباح ، وكان من لوقا، عن قصة تلميذي عمواس. كانا يمشيان جنبا إلى جنب، بعد أن ترك اورشليم. كانا من تلاميذ الرب يسوع. و رأوا معجزاته. رأوه يطعم 5000 شخص – رأوه يشفي الناس، يرد البصر للعميان، يرد السمع للصم، والنطق للخرس…. ثم ألقي القبض عليه. تعرض للضرب. وتعرض للالام المبرحة، الام الجلد والصلب.. ووضع جسده في القبر.
هذين الشخصين كانوا يسيرون على طول الطريق، وقد فارقهما الفرح، الحب، الرجاء. تركوا الكل في القبر مع يسوع. على الرغم من أن القبر فارغ الآن.
… هذه الامتعة التي يحملونها في الطريق … هي اليأس … والاحساس بالخسارة والفشل … والخوف من السلطات الرومانية أو قادة الفريسيين لأنهم كانوا من أتباع يسوع.
إذا كنت تقرأ هذا الاعداد (لو21) في اليونانية، وأنا أريد منك أن تدقق في ان لوقا كان يستخدم كلمة للتعبير عن المشي على طول الطريق إلى عمواس ليست الفعل المعتاد للمشي. والفعل المعتاد الذي يستخدم للمشي هو برباتيو، وهو ما يعني أن يمشي جنبا إلى جنب مع بعض الخفة والنشاط. الفعل الذي يستخدمه لوقا بدلا هو الفعل (بوريومي) الذي يعبر عن شخصين يمشيان جنبا إلى جنب، وهما يحملان حملا ثقيلا. يسيران جنبا إلى جنب، ببطء شديد، ويمشيان والأمتعة التي يحملانها هي اليأس، والخوف. ومن ثم كان يبدو من المنطقي ان يسألهما هذا الرجل السائر على الطريق معهم (الرب يسوع)، ويقول: “وهكذا، ما هذا الكلام الذي تتطارحان به؟
مترجم عن: