لنكولن #4

abrahamlincolngenerals

-14-

لنكولن المحامي

وظل لنكولن يعمل بالمحاماة على مدى خمس وعشرين سنة متواصلة.. عرف خلالها بانه المحامي الامين الذي لا يتكلم الا بالحق والذي لا يصنع الا ما يظن انه العدل والصواب.. وكان يساعد الناس في حل مشاكلهم. فعندما يتشاجر شخصان او يتنازعان على شئ ما، كان يقنعهما بحل المشاكل بطريقة ودية بدلا من اللجوء الى المحاكم.. وكان اذا شعر بان احد زبائنه لم يكن على صواب او حق كان يمتنع على الفور عن الدفاع عنه.. وكان لا يحصل من الزبائن الا على اجر عادل ليس فيه اجحاف او مغالاة..

وعندما كان الناس يتحدثون عنه او يلوكون سيرته طيلة هذه السنوات، كانت اقوالهم كالاتي:

يا له من شخص طويل قوي العضلات سريع الحركة غير انيق في ملابسه او ملامحه!

كم هو قادر على ذكر القصص الطريفة التي تسر السامع..

انه يشعر بحزن عميق ويلزم الصمت احيانا.

انه يتطلع دائما لاية فرصة يتعلم فيها شيئا جديدا..

كم هو مستعد لمعاونة اي شخص، بل واي حيوان اعجم.

وفي تلك الايام كان قاض المحكمة يتنقل بمحكمته من قرية الى قرية ، ومن مدينة الى مدينة.. وكان المحامون ومن بينهم لنكولن يتتبعون هذه المحكمة اينما ذهبت او انتقلت.. ولذلك فقد ذاع صيته واتسعت افاق شهرته..

-15-

براءة بدلا من الاعدام

وفي يوم ترك لينكولن كل اعماله وسافر ليواسي ارملة صديقه القديم جاك ارمسترونج بعد موته بايام قليلة. وهناك علم ان “ديف” ابن ارمسترونج قد وقع في مأزق خطير.. حيث وجهت اليه تهمة القتل، وهي جريمة عقوبتها الاعدام.

وكانت وقائع تلك التهمة تتلخص في ان “ديف” ورجلا اخر قد شربا كثيرا من الخمر حتى سكرا، ثم بدأ في الشجار والعراك، حيث وجه “ديف” ضربة قوية نحو رأس غريمه، فسقط على الارض.. وبعد خمسة ايام مات الرجل.

وبالرغم من ان لنكولن يعرف الكثير عن اسرة ارمسترونج.. ويعرف ان الابن ديف كان طائشا .. الا انه كان مقتنعا بان ديف مهما كان سيئا الا انه لا يمكن ان يقدم على قتل انسان..

وكان الشاهد الوحيد “الن” يعمل نقاشا وكانت شهادته على النحو التالي:

س: متى حدثت المشاجرة؟

ج: بين الساعة 10 و 11.

س: وهل كان هناك ضوء كاف يمكنك من رؤية كل التفاصيل؟

ج: كان القمر بدرا كاملا..

وقدم لنكولن الى المحكمة مستندا يفيد بان القمر قد غرب في منتصف الليلة التي حدث فيها العراك. وبما ان الشاهد كان يكذب في موضوع ضوء القمر، فمن المحتمل ان يكون قد كذب ايضا في موضوع تلك الضربة القاتلة.

وترافع لنكولن امام المحلفين الاثنى عشر الذين سيقررون مصير ديف.. وفي النهاية حكمت المحكمة ببراءة ديف.

-16-

مسألة العبيد

وخلال عمل لنكولن بمهنة المحاماة. فانه لم يتخل تماما عن دوره الحكومي. فقد اتسعت اهتماماته وشملت موضوعات كثيرة كان اهمها موضوع العبيد.

وكان نظام استخدام العبيد مسموحا به في الولايات الجنوبية وغير مسموح به في الولايات الشمالية. ولكن ماذا عن الولايات الجديدة التي بدأت تنشأ في الغرب؟ .. هل يسمح فيها بتطبيق نظام العبيد ، ام يحرم فيها ؟

انقسم الناس في هذا الامر.. وكان “ستيفن دوجلاس” يعتبر في تلك الفترة احد القادة الكبار في الولايات المتحدة الامريكية وكان شخصا ذكيا يتمتع بشخصية قوية وبقدرة فائقة على الخطابة . وكان محل اعجاب الامريكيين. وكان دوجلاس يرغب في ترشيح نفسه ليصبح رئيسا للولايات المتحدة الامريكية.. لذلك فقد كان يحاول ارضاء سكان الولايات الجنوبية وارضاء سكان الولايات الشمالية في نفس الوقت. ولكنه لم ينجح في ارضاء هؤلاء ولا اولئك!!

اما ابراهام لنكولن فقد كان لا يرى وجوب تحرير العبيد مرة واحدة او الغاء هذا النظام هكذا بجرة قلم.. ولكنه كان يؤمن تماما بان نظام العبودية نظام كريه وغير انساني. وبالتالي فقد كان لا يريد تطبيق هذا النظام او السماح به في الولايات الغربية الجديدة.. وكن يقول في هذا الشأن:

“عندما يحكم الرجل الابيض نفسه بنفسه فهذه هي الحكومة الوطنية.. ولكن عندما يحكم الابيض غيره من الملونين فهذا هو الاستبداد والطغيان.. ولا يجب اطلاقا ان يتحكم الانسان في اخيه الانسان.

وهكذا بدأت معركة الحرية وتحرير الانسان من قيود العبودية. وما ان شرع لنكولن في تلك المعركة حتى قرر ان يواصل جهوده حتى النهاية. وكتب لاحد اصدقائه يقول:

“اني اؤمن بوجود الله.. واعرف ان الله لا يقبل الظلم ولا يرضى بان يستعبد الانسان اخاه الانسان.. واني ارى ان العاصفة قادمة لا محالة.. واعرف ان الله معي .. وانا مستعد ان ابذل كل جهدي وحياتي من اجل الحق.. فانا لا شئ على الاطلاق.. اما الحق والعدل فهما كل شئ!”