لابد انك كثيرا ما جال في مخيلتك من هو سانتا كلوز هذا. ولماذا يقوم مثل هذا الشخص صاحب الاسم الغريب بالتسلل الى البيوت في ليلة عيد الميلاد وطرح هدايا لك من النافذة او امام الباب حتى لا تراه.
سانتا كلوز هو تحريف لاسم القديس نقولا. منذ مدة طويلة كان يوجد زوجان غنيان نبيلان. ولم يكن لهما ما ينقص سعادتهما او ينغص عليهما سوى انه لم يكن لهما ولد، وما اكثر ما صليا لله من اجل الانجاب. واخيرا انجبا ولدا اسموه “نيقولاس” او نقولا. ولقد كانت سعادتهما به لا توصف، وكان تعلقهما به شديدا وافتكرا انه لم يوجد في كل العالم ولد نظيره. وكان فعلا ولدا جميلا جدا. لم يشاغب كما يشاغب كثير من الاولاد ولم يعصى والديه وكان بالاجمال ولدا طيبا محبوبا.
وقد سار كل شئ في العائلة حسنا عدة سنوات غير انه عندما بلغ نقولا الثامنة من عمره حل في القرية مرض مخيف هو الطاعون وقد ذهب ضحيته عدد كبير من الناس. وكان والداه ضمن الذي ذهب الطاعون بهم وهكذا ترك نقولا وحده في العالم. يا للولد المسكين. نعم ترك له ابوه كثيرا من المال لكن ماذا يعمل المال لطفل عمره ثماني سنوات. كان نقولا حزينا جدا وسببت له الكارثة وحشة جعلته كثير الصمت والبعد عن الناس.
ولما كبر كان كثير التجول في شوارع ميرا مسقط رأسه يضع النقود في ايدى الاطفال الفقراء ثم يسير كما لو كان لم يعطي شيئا.
وفي احدى الليالي بعد احدى جولاته في طرقات مدينة ميرا احس بشئ من التعب فوقف بجانب بيت رجل كان نبيلا ولكن الدهر احنى عليه فوصل الى قرارة الفقر وكان له ثلاث بنات وقد سمع نقولا بالصدفة الابنة الكبرى تقول لابيها: يا ابي لا يوجد خبز في البيت وقد بلغ الجوع منا مبلغا ليس بعده احتمال فاسمح لنا ان نخرج الى الطريق ونستجدي!
بكى الرجل العجوز وهو يضع يده على رأس ابنته وقال: ايتها الحبيبات ارجوكن ان تصبرن قليلا. اصبرن الى الصباح اني ارتجي السماء واعتقد ان الفرج سيجئ مع النور. وتنهدت الفتيات فقد كان جوعهن شديدا ولكنهن اطعن اباهن.
ذهب نقولا في طريقه وهو يفكر فيما يمكن ان يعمله لانقاذ تلك العائلة المسكينة. كان يعلم انه اذا قدم مالا للرجل فسيرفضه. هذا فضلا عن ان هذه لم تكن طريقة نقولا في تقديم المساعدة للاخرين. ذهب الى البيت واحضر كيسا من النقود ثم عاد والقاه من نافذة هذه الاسرة الفقيرة ثم ركض..سمع الاب وبناته صوت شئ يرتطم. اسرعن الى مكان الصوت فوجدن صرة النقود ولكنهن لم يروا احدا.
وبينما كان نقولا يسير امام البيت في احد الايام ابصر علامات الفرح وعلم انهم يقيمون حفلة زواج الابنة الكبرى.
وكان نقولا يسير كثيرا في طريق بيت الرجل وكان كثيرا ما يراه مع ابنتيه فقال لنفسه ينبغي ان يكون لكل منهما مهرا لزواجها وعزم على ان يطرح صرة نقود اخرى من النافذة كما فعل في المرة السابقة. وتمت الامور كما رتب ورأى نقولا حفلة زواج الابنة الثانية!
وتكرر الامر ثالثة مع الابنة الصغرى وفي نفس اليوم اعد عدته للسفر الى الاراضي المقدسة. فلما وصل الى اورشليم تكلم الله اليه وامره ان يعود الى بلاده وان يخدم الله من خلال مساعدة الفقراء.
واطاع نقولا وعاد الى ميرا يساعد الفقراء والمعوزين. وحدث ان اسقف المدينة تنيح فاجتمع الكهنة ليختاروا اسقفا وارشدهم الله في رؤيا راها احدهم الى انهم سيجدون الاسقف المعين من الله في الكنيسة صباح اليوم التالي. سيكون هو اول من يحضر الى الكنيسة. لم يكن يعلم بذلك الى الكهنة فذهبوا مبكرين وهناك وجدوا نقولا يصلي كعادته في حضور الكنيسة مبكرا.
قبل القديس دعوة الله على الرغم بشعوره بعدم استحقاقه. كان يحب الشعب ويخدمه بامانة وتنيح عن عمر يقارب المائة العام. ولكن حديث اعماله لم ينقطع فقد ظل الناس يتحدثون عن مساعدات سانتا نيكولاس وتناقلت الناس قصته الى الناس.
نيكولاس قديس الاطفال يحب ان ينفق ثروته في شراء لعب للاولاد والبنات ويتركها لهم دون ان يروه. ان الرياح تنقل نداءات واماني الاطفال: “احضر لي هذا يا سانتا كلوز.. احضر لي ذلك يا سانتا كلوز.. كوفية حمراء… كيس حلوى.. كرة كبيرة.. الخ”. “انظروا لا تحتقروا احد هؤلاء الصغار لان ملائكتهم في السموات كل حين ينظرون وجه ابي الذي في السموات”(مت18: 10)
نقولا ايضا هو قديس البحارة وشفيعهم اثناء رحلاتهم في البحار.. وعندما تتمزق اشرعتهم ويتعرضون للغرق يتشفعون به فيجدونه قريبا منهم والرب ينقذهم ببركة شفاعته.