احتشد الالاف في الساحة يدفعهم الفضول والتوق لرؤية ما ستفعله افروسينا وتهامس البعض فيما بينهم، كما ضحك بعضهم ضحكا خفيفا. وقد جئ بوعاء به البخور ووضع امام افروسينا، فعلمت ان عليها فقط ان تعلن ان ابولون اله، ثم تدس يدها في الوعاء وتأخذ منه بعض حبات البخور وتضعها قربانا لابولون فتنجو بحياتها.
قال يوبليوس الى زوجته الجالسة على العرش بجواره:
هل ترين يا جوليا كيف انها تتردد؟
وقد جعل الوعيد المخيف في لهجته افروسينا ترتجف. ولكنها صلت:
يا رب انت تعرف ما في قلبي. انت تعرف اني احبك. اعني.
وامرت جوليا: خذي البخور، افروسينا. لا تترددي.
مدت افروسينا يدها المرتجفة بشدة على مهل. وهي تصلي:
يا الهي، اعني!
عندئذ حضرت في ذهنها الكلمة الالهية مالئة كل كيانها. “انا هو الرب الهك. وليس اخر سواي”. فرفعت عينها الى السماء. واخذ الناس يتهامسون.
وهمس الصوت الناعم في ذهنها:”احملي صليبك واتبعنيي”. فوضعت يدها على قلبها، واغمضت عينيها، وقالت همسا: “اللهم سامحني! لا تتباعد عني! وجاءها صوت رقيق من داخلها:
“ها انا معكم كل الايام”
وجاءها الصوت خشن من القائد الواقف مقابلها: “هيا قربي لابولون”
رفعت افروسينا رأسها ونظرت الى الامبراطور وهتفت بصوت عال: “الرب هو الله وليس اخر سواه” هكذا قالت ببساطة ووضوح.
واذ ذهل الجميع واسخطوا تكلموا كلهم في صوت واحد.
قال الامبراطور بوبليوس: اضربها!” فلطمها احد الحراس على وجهها لطمة شديدة.
وقالت الامبراطورة جوليا: “ابولون اله. هيا قوليها!”
اما افروسينا فظلت واقفة لا تنبس بكلمة.
ثم قال يوبليوس لزوجته ببرودة: “اما قلت لك؟”
اما هي فقد صرت باسنانها وهي تقول بحدة:
“ستقولها. سأجعلها تقولها”. وتقدمت اليها فصفعتها. “انطقي بالكلمات. انطقي بها والا فستموتين”.
“انا اؤمن ان يسوع هو المسيح ابن الله الحي”.
فهمس احدهم “هي مسيحية”
وضربتها جوليا: “ابولون اله”
فنظرت الى جوليا خلال غمامة من الدموع، وقد كسر الحزن قلبها على اولئك الذين اضلهم الشيطان، فعبدوا مصنوعات الايادي وتركوا عنهم عبادة الاله الحي الحقيقي الذي احبهم وتألم من اجلهم على الصليب.