يوميات استير -9

هامان

وماذاعساني اكتب عن هذا الرجل؟ كيف ظهر وكيف تألق نجمه وكيف صار ثاني الملك. لا اعلم. لقد قيل الكثير عنه. كان من نسل عيسو. ابوه همداثا بن ساراخ بن كوزا …. بن اجاج بن سومكي بن عماليق بن اليفاز بكر عيسو.

هذا كان اكبر دساس ، وقد استطاع نتيجة مؤامرات ان يصل الى اعلى مكان في الدولة، وامر الملك ان يقدموا له نفس الاكرام الذي يقمون له. من الغريب ان الملك اعطاه هذا المقام وهو من امة مغلوبة وقد ملأه هذا المقام بالكبرياء والعجب وخصوصا عندما كان يرى الناس يسجدون له. على ان عمي رفض ان يفعل ذلك. وسأله رجال القصر لماذا لا يجثو لهامان. وكان جوابه لهم “انتم حمقى. اسمعوا لي: هل يجوز للفاني الذي سيعود الى اصله التراب ان يطلب مجد السماء؟ هل انحني امام مولود المرأة معدود الايام؟ كلا اني اسجد لاله السماء. الاله الحي الازلي. الاله الذي يحمل الارض بكفه ووضع حدا للبحر وَهُوَ صَنَعَهُ، وَيَدَاهُ سَبَكَتَا الْيَابِسَةَ.. يداه سبكتا اليابسة وكَالَ بِكَفِّهِ الْمِيَاهَ، وَقَاسَ السَّمَاوَاتِ بِالشِّبْرِ، وَكَالَ بِالْكَيْلِ تُرَابَ الأَرْضِ، وَوَزَنَ الْجِبَالَ بِالْ‍قَبَّانِ، وَالآكَامَ بِالْمِيزَانِ..

وسمع هامان واشتعل غيظا. وصاح قائلا: “ويحك ايها المخلوق الحقير! لماذا تغلظ عنقك ؟ الم ينحن ابوك الاول لابي؟”

واجاب عمي وقال:”كيف ذلك؟ من من اسلافي سجد لاسلافك؟”

وقال “سلفك الاول يعقوب سجد امام عيسو سبع سجدات”

وتبسم عمي “انك مخطئ يا سيدي. انني ابن بنيامين وعندما انحنى يعقوب لم يكن بنيامين قد ولد بعد”

وزأر هامان وتهيأ ليهجم على عمي ليخنقه بكلتا يديه، ولما خشى ان عمي يستطيع ان يدافع عن نفسه تراجع قليلا ثم فكر ان يأمر الجند ان يمزقوه بسيوفهم ولكنه عاد الى نفسه. ان قتل عمي لن يشفي غلته. لقد اهانه عمي امام الكثيرين. فليكن الانتقام مروعا على قدر الاساءة. ليذهب اذا الى بيته ويفكر في هدوء.

حين عاد الى بيته رأته زوجته الخبيثة زرش مكتئبا وعلمت ما صار، نصحته مع بعض اقربائه ان يتقم وليكن انتقامه شديد البأس على قدر مركزه. قالوا له … “يجب ان يموت اشنع ميتة”

وختم هامان الحديث “اه لو علم ذلك الاحمق مردخاي ما نويت له، لمات رعبا قبل ان امد يدي اليه”

لا اعلم ما الذي يحفزني للكتابة عن هذا الامر..

سأسجل هذه الاحداث لاظهر اعمال الله العجيبة. جاءني اخبار تقول ان هامان ينوي شرا بعمي وكذلك ببعض الغرباء المسبين. لقد حاول الملك ان يعرف من هم قومي ولكني استطعت ان اهرب من الجواب بلباقة. وقد اخبرني عبيدي ان معاوني هامان جلسوا في شهر نيسان يلقون قرعا امامه. من عادة رؤساء الامم الوثنية ان يستعينوا بحكمائهم ليعلموا الوقت المناسب. وكان هؤلاء الحكماء يتبعون بعض الطقوس الوثنية منها استشارة الهتهم لمعرفة هل ستساعدهم وما هو الوقت المناسب: من هذه الطقوس سؤال العصا، والقاء القرعة وقراءة خريطة البروج وغيرها من الطقوس.. فالقوا قرعا من يوم الى يوم ومن شهر الى شهر ليعرفوا الوقت الذي ترضى عنه الالهة ويناسب تنفيذ الانتقام الدموي من مرخاي والشعب الذي ينتمي اليه.
القوا قرعة في الشهر الاول نيسان (ابريل) ولكن الجواب كان لا.. هكذا فعلوا بالشهور التالية: ايار (مايو)، سيفان (يونية)، تموز (يوليو) ، آب (اغسطس)، ايلول (سبتمبر)، تشرين الاول والثاني (اكتوبر ونوفمبر)، كسلو (ديسمبر)، ثيبيت (يناير)، شباط (فبراير)، اذار (مارس).. جاء الجواب بالقبول. هتف هامان: “لقد وجدتك”. كانت علامات كوكب اذار  في خريطة الابراج الفلكية سمكتين. تفاءل هامان وحسب هذا الشهر شهر نحس لليهود وحظ له.. نعم استراح هامان الى القرعة، ولم يعلم ان الله رتب شيئا اخر. لقد رتب الله الامر هكذا لتكون فسحة كبيرة للشعب، عام كامل ليعود الشعب الى الهه بالصوم والتذلل والتوبة.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s