اقترب عيد الميلاد. انه العيد الثاني الذي يمر على ايلين في الجامعة. في طفولتها التي قضتها في رعاية عمتها راعوث كانت تهتم بشراء حاجات العيد، لكنها الان مضطرة الى فعل ذلك بنفسها. تذكرت اعياد الميلاد الماضية التي احتفلت بها في بيتها الريفي الكبير، تذكرت طفولتها المرحة ولعبها في المزرعة. تذكرت ضوء الشموع في الكنائس في منتصف الليل ، تذكرت ركوب الزلاجات خلال ليالي اضاءتها انوار النجوم. وها هي تستقبل ليلة عيد الميلاد هذا العام في المعمل تجري التجارب. كانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل عندما انتهت من فحص بعض الشرائح تحت المجهر، والحصول بعد اسابيع من العمل المضني، على صوررة نادرة لذلك الميكروب بكاميرا المجهر. عند الفجر القت بنفسها على الفراش وراحت في نوم عميق.
كانت ايلين ترجو ان تقضي اسبوع العيد هذا العام في مطالعة الكتب العلمية في مكتبة الكلية. وفي تلهف لتنفيذ ما عزمت عليه ذهبت الى المكتبة، لكنها فوجئت بلافتة معلقة على باب المكتبة كتب عليها “المكتبة مغلقة حتى الثاني من يناير من اجل الصيانة”.
تساءلت اثناء عودتها من الحرم الجامعي الى غرفتها “كيف يا تري سأمضي هذا الاسبوع؟”. كانت ايلين مستغرقة في التفكير لدرجة انها لم تتنبه الا حين استوقفتها امرأة قائلة:
“الى اين انت متجهة يا عزيزتي؟”
تطلعت ايلين فوجدت صديقتها كارولين، انفرجت اساريرها عن ابتسامة وحيّتها قائلة:
“كارولين!.. انا لم اعرفك بهذه القبعة الحمراء، اعتقدت انك شخص يمزح”.
“حسنا، انا لست شخص يمزح. وانت لم تجيبي على سؤالي”.
تنهدت ايلين بنبرة حزينة:
“اشعر بالاحباط! لقد خططت لقضاء كل الاسبوع القادم في مكتبة الكلية. ولكني وجدتها مغلقة”.
حدقت كارولين في صديقتها برهة متفكرة ثم قالت:
“لماذا هي مغلقة؟” ثم هزت رأسها اذ تذكرت شيئا وقالت:
“يا لها من فكرة! انت لا تعنين ذلك بالتاكيد. لا احد يعمل خلال اسبوع العيد!”.
قالت ايلين: “انا اعمل. او على الاقل اريد ذلك!”
تابعت كارولين بعد لحظة صمت:
“انا مسرورة انك لن تستطيعي العمل في عطلة العيد. هذه ليست طريقة لقضاء العيد”.
صمتت ايلين مضطربة اشد الاضطراب:
“ليس لديّ طريقة اخرى اقضي بها العيد. فليس لديّ اسرة. ولا يخطر ببالي اي شئ افعله في عطلة العيد”.
قالت كارولين وهي تربت على كتفيها:
“دعيني افكر لك. يمكنني ان اريك كيف تقضين العيد، سأعطيك المال الكافي”.
تابعت ايلين وقد بدى عليها الاهتمام:
“حسنا، تابعي واقترحي عليّ”.
صمتت لبرهة ثم قالت:
“اولا، بالنسبة لنفسي، اريد السفر لقضاء العيد في موطني حيث تعتني امي وابي باخي الصغير، اما شادي وانا فاننا ندرس هنا. مع مجئ العيد هذا العام اسأل نفسي متحيرة ما اذا كانت الدراسة تستحق الابتعاد عن اخوتي”. ثم استطردت بسرعة “بالطبع، انا اعرف ان ذلك يستحق. لكن لو لم اقم بشئ جيد سأجلس منزعجة طوال اسبوع العيد . لذا فانني ارى ان استضيفك انت وبعض المشردين الاخرين من الشباب ونحتفل بالعيد معا”.
ابتسمت ايلين وقالت:
“حسنا، اريد ان اكون احد ضيوفك”.
قالت كارولين وهي تودعها:
“حجرة لشخصين ربما لا تكون افضل خيار للاحتفال بالعيد، لكن هذا كل ما لديّ لاقدمه. اه، لو انني لديّ بيت في مزرعة بالضواحي – لكن كل ذويّ يعملون في كونكتكت”.
هذه الليلة، عندما القت ايلين بنفسها في الفراش، جاءتها فكرة. وقبل ان ترتدي ثيابها في الصباح التالي هاتفت كارولين وسألتها بحماسة:
“هل مزرعة كبيرة في الضاحية تصلح لذلك الغرض يا كارولين؟”
صاحت كارولين:
“بالطبع! انها فكرة ممتازة. لكن من يا ترى لديه هذه المزرعة؟”
قالت ايلين وقد بدى في نبرة صوتها سعادة غامرة:
“اعرف مزرعة على بعد اقل من ساعتين بالسيارة يمكننا استخدامها للاحتفال. ولأن العيد يبدأ يوم الاثنين فسوف تكون عطلة طويلة. ما رأيك؟”
قالت كارولين بحماسة:
“انك ملاك ارسله الله لي من السماء! فقط دعي الامر لي وسترين اي وقت رائع ستقضين! ولكن اخبريني اولا كم عدد الاشخاص يمكن ان يستوعبهم هذا المكان؟”
“اثنى عشر شخصا بالكاد. لكن سنكون مضطرين لاحضار مفروشات، لان المنزل مهجور منذ عامين”.
“مفروشات فقط؟ اه، كم انت رائعة! وايا من كان مالك المزرعة اخبريه بامتناني. سوف اكون الراعي الرسمي وسأمضي الى الجوار لدعوة الاشخاص الذين سنتضيفهم لنحتفل معهم بالعيد.
ترقبت ايلين تلك الحفلة التي ستقام ببيت المزرعة بمشاعر مختلطة. فبعد موت عمتها راعوث، اغلقت هي وماري المزرعة ولم يذهبا اليها منذ ذلك الحين، بل واعتقدت انها لن تعود اليها مرة اخرى. وفكرت في نفسها، سيكون من الرائع ان ارى القمر الفضي يرصع قبة السماء، وان ارى اشجار الصنوبر الممتدة على التلال المغطاة بالثلوج، وان اتزلج على الجليد بينما الرياح تخبط في وجهي.