جوليا #٢

عاد واحتضن وجهها براحة يديه.
فقالت في ضيق: مرقس ﻻ تفعل!
اجاب:” اعترفي بالواقع!”،
“اي واقع؟”، ثم ادنى فمه ليتلقى فمها. ولما ادارت راسها جانبا، ضغط بفمه على حنجرتها الحارة، فشهقت وحاولت مجاهدة ان تتحرر منه.
فقال بضراوة: “ انت تحبينني! “
ممسكا بذقنها هذه المرة ورافعا وجهها صوبه. وغشى فمها بفمه.
اذ ذاك صرخت: “ﻻ” وبدات تجاهد للافلات منه.
فقال بخشونة: “كفي عن محاربتي!” وراى عينيها الداكنتين وبشرتها المتوردة، فاضاف: “كفي عن محاربة نفسك!” وامسك بمعصميها. “لقد انتظرتك اطول مما ينتظر اي امرء امرأة”.
مرقس، ﻻ تجلب على نفسك هذه الخطية”.
فقال ساخرا “خطية!” واهوى على فمها من جديد. فتشبثت بثوبه، نصف ممتنعة ونصف مذعنة. وظلت تتوسل اليه ان يتوقف، وصرخت “يا الله، ساعدني!”.
فاستشاط عضبا في الحال وقال “الله!” ناسيا كل لطف في تفجر خيبة مفاجئ. “نعم، صلي الى اله ما . صلى الى فينوس، صلي الى ايروس، عسى ان تتصرفي مثل امرأة سوية!” واحس حاشية ياقة ثوبها تتمزق في يده. وفجاة تراجع شاتما، وفيما هو يتنفس تنفسا ثقيلا، حدق في غل الى الضرر الذي احدثه، ويده ما تزال ممسكة بالثوب الممزق، فاذا ببرودة تجتاحه، فارخى يده وقال “جوليا، لم اقصد ان..” وقد غمره شعور اشمئزاز من النفس.
وانقطع نفسه تماما لما ابصر شكلها الهامد “جوليا!” ثم هدهدها ممسدا شعرها الى الوراء عن وجهها، ووضع يده على قلبها اذ روعه ان يكون قد ماتت..
غير ا قلبها كان ينبض تحت راحة يده فعمره الفرح..
قال واﻻلم يخنق صوته “لقد فقدت السيطرة..” عالما ان هذا ليس عذرا وهي لم تنظر اليه ، غير ان الدموع فاضت على خديها الشاحبين نهرا صامتا..
“ان حبي ﻻ يتأنى وﻻ يرفق. لم اقصد قط ان اؤذيك. قسما على ذلك ! لست ادري ما جرى .. ما فقدت السيطرة يوما بهذا الشكل”.
ثم عاد وارغمها على النظر اليه “ليس طبيعيا ان نحارب غرائزنا اﻻساسية. ان الهك يستمتع باحداث اﻻلم”.
“ان الله يجرح لكي يشفي”.
فقال بضحكة خشنة “اذا ، لست تنكرين الواقع”.
“ولكنك توقفت.. “.
“كان عليّ ان امرك امرا. اليس كذلك؟”
“ما كنت لتأمرني!”.
“ماذا يجعلك متيقنة تماما؟”
انت رجل شريف. وعندك من القيم والمبادئ ما يمنعك من ارتكاب هذا الاثم”.
فقال بضحكة مرة “شريف؟ كم يسهل على كلمة واحدة ان تتمكن من رجل ..”.
“ﻻ تستهن بقيم تشربتها منذ طفولتك. ان القيم ثابتة في شخصيتك ما حييت، وصعب على اي امرء ان ينس القيم او يتخل عنها”.
“وهل العفة احدى هذه القيم؟”
مرقس- القيم ﻻ تتجزأ. والعفة قيمة انسانية ودينية. واﻻثنان يتغلغلان في حياة الناس تغلغل اشعة الشمس لمياه المحيط.
وايهما اهم؟ القيم الدينية ام الانسانية؟
قلت لك القيم ﻻ تتجزأ؟ انهما مترادفان او صنوان. كل قيمة دينية هي قيمة انسانية والعكس صحيح طبعا.
افترض انهما اختلفا. الغلبة لمن في رأيك؟
وقهقه وبادرها “اه، نسيت! فتاة متدينة مثلك، ستقول حتما ، القيم الدينية!”.
“واذا قلت لك ان العكس هو اﻻصوب؟!”.
“لست افهمك”.
“قال السيد المسيح لليهود حينما اختلفوا على طريقة حفظ يوم السبت “السبت جعل ﻻجل اﻻنسان، ﻻ اﻻنسان ﻻجل السبت”. ثم ضرب لهما مثالين انه اذا تعارض خير انسان مع تنفيذ وصية فليترك الوصية. او باﻻحرى حينها سيكون تمم روح الوصية وليس حرفها. والروح اهم من الحرف. اﻻ نردد هذه العبارة “على القاضي ان يحكم بروح القانون. والا ننس الهدف فيما نستخدم الوسيلة؟!”.

(يستكمل)

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s