يوميات وحيد #١٦

اقرأ العدد السابق . يوميات وحيد ١٥

امتدت يد خفية .. امسكت بي.. اوقعتني من فوق السلم! ارتطمت باﻻرض.. صدر مني صرخة الم واحدث ارتطامي صوت خبطة مسموعة.. بعد لحظات رفعت راسي ببطء .. اخذت اجاهد ﻻفتح عيني..
هرعت هايا نحوي .. سالتني:
وحيد، هل انت بخير؟
شعرت بحرج شديد..
لماذا ابدو دائما بهذا الغباء؟
لم تكن هناك يد خفية لتدفعني من فوق السلم.. انني ببساطة قد وقعت.. وهذا يحدث لي دائما كلما صعدت فوق سلم..
بعض الناس يتسلقون صعودا وانا اتسلق وقوعا!
والحقيقة انني لم اكن ارغب في ان ابدو مثيرا للسخرية امام صديقتي هايا وخاصة انني تعرفت عليها منذ فترة بسيطة.. وكنت اريد ان اترك لديها فكرة طيبة عني، ان ابدو امامها انيقا وذكيا .. وهذا هو السبب الذي دفعني للاشتراك في لجنة (المسرح).

قالت هايا: هيا نبدا العمل..

ومضت لحظات قبل ان تقول، اريد فرشاة وطلاء لرسم الخلفية..
واستطردت وهي تنظر اليّ:
وحيد، من فضلك احضر الفرشاة والطلاة من حجرة “وسائل اﻻيضاح” في الطابق الرابع..
وهرولت ﻻحضر اﻻغراض المطلوبة.. لا اعلم لماذا فعلت؟ هل ﻻنال اعجابها؟! واندفعت خارجا من الباب.. واصطدمت بكل قوتي بفتاة كانت تقف في البهو…
“هيه!” صاحت الفتاة.. وقد سقطنا سويا على اﻻرض.
ومضت لحظات قبل ان اقف واقول: انني اسف!
ومددت يدي ﻻساعدها على الوقوف، ولكنها اطاحت بيدي بعيدا.. ووقفت دون مساعدة مني!
عندما وقفت اكتشفت انها اطول مني قدما على اﻻقل. طويلة عريضة المنكبين. نظرت الي بوحشية بعينين جامدتين.
نظراتها كانت مخيفة!
تقدمت نحوي بخطوات ثقيلة .. جعلتني اتجمد بجوار الحائط.
قلت متلعثما: ما.. ماذا ستفعلين؟
الصقت ظهري بقوة في الحائط! وكررت سؤالي.
زمجرت بحنق وقالت: ذاهبة الي بيتي..
واشاحت بيدها: اذا سمحت لي طبعا؟
انتظرت حتى اختفت تماما من المبنى.. واكملت صعودي.. حتى الغرفة المقصودة. كانت اللافتة تقول “حجرة وسائل الايضاح”. ادرت مقبض الباب.
ثم توقفت.. سمعت اصواتا داخل الغرفة.
دهشت.. وامسكت بالمقبض واستمعت! سمعت صوت فتى وفتاة يتحدثان في هدوء. كان صوتهما يشبه صوت هايا ومينا!
وتساءلت مندهشا: لماذا تبعاني؟ وكيف تمكنا من الوصول قبلي؟ وماذا يفعلان هنا؟
فتحت الباب وخطوت الى الداخل: صحت: ايها اﻻصدقاء.. هل انتم هنا؟
لم يكن مجيب. ربما كان سقوطي اثر في راسي باكثر مما تصورت. وراحت الخياﻻت تعصف برأسي. في الحقيقة، مضي وقت طويل قبل ان ادرك ان ما نقراه في قصص اﻻطفال الخرافية مجرد خيال وليس حقيقة. ﻻ شئ يسعفني لاعرف الحقيقة من الخيال سوى عقلي. هكذا همست لنفسي.
مضت دقيقة قبل ان انتبه الى صوت احدهم يربت على كتفي: تعال !

التفت لاري شبحا عجيبا. تابع كلامه: تعال فاريك اختراع القرن الواحد وعشرون.
تناول زجاجة من رف صغير: نقطة واحدة منها تجعل انتاج اي نبات يتضاعف مرات ومرات. هذا هو حل مشكلة الجوع في العالم!
قلت بتلقائية: ليس الجوع في العالم الى الخبز بل الى الحب.

قهقه وقال: اما انك تتكلم بسذاجة او بفلسفة. من قال ذلك؟

قلت : هكذا قالت اﻻم تريزا بعد رحلة حياة عطاء في افقر بلاد العالم. وجدت فيها ان العالم لا تنقصه الثروات والموارد بل الحب.
قال مقهقها: تبدو رومانتيكيا وانت تكرر وراءها هذه الكلمات عن الحب. اين الله من اﻻﻻم التي يعانيها البشر، حروب وامراض ومجاعات..؟
قلت مقاطعا: الامر ليس مجرد اله غاضب بل اله قاض عادل قد اعلن مسبقا عن حيثيات الحكم الذي يصدره بحق الخطاة. ولقد ترك العالم الروح واصبحت المادية سمته الفجة.

رد: ولماذا لا يطلق للبشر الحرية، لماذا اعد جحيما كما تدعون لمن يذنبون؟
اجبته: الامر ليس انه اله دكتاتوري يهوى التحكم في حريات البشر، بل هو -تبارك اسمه- اله صالح لا يمكن ان يرى جزء من خليقته يسئ استخدام حريته ويفسد الارض دون وازع .. فالحرية الصحيحة هي الحرية المحكومة بحدود والا تحولت الى فوضى عارمة.
سال: ولماذا لا يقتص من الاشرار في الحال ، ان كان عادلا كما قلت ؟ لماذا يترك القاتل يقتل والمغتصب والظالم و..

قلت: مهلا يا صاح، الله ليس الها متسرعا في اجراء دينونته، بل قد تمهل على الخطاة سنوات هذا عددها. فالدينونة كانت وستظل فعله “الغريب عن طبيعته” كما يقول النبي اش28: 21. فافكار الله صالحة وبالخير نحو البشر دائما. وعلى ذلك فانه يمكنك أن ترى الاشرار ينعمون بينما الابرار يعانون! لكن في النهاية ينال الكل جزاءه الذي يستحقه. يجب ان تؤمن بان الله موجود وانه يجازي.. (عب١١).

وماذا عن الملحدين؟

اجبت: الإلحاد إما أن يرفض الله لسبب شهواني. أو لسبب اقتصادي. فالذين يرفضونه لسببه شهواني. يرون أن الله يقف ضد شهواتهم بوصاياه التي تمنعهم عن التمتع بخطايا معينة.
أما الإلحاد الرافض لسبب اقتصادي: فهو يدعي أن الله يسكن في برج عاجي. ولا يهتم بشئون الأرض.

ولكن لا تنس ان للالحاد الشيوعي وجهة نظر منطقية وعملية وعلمية. هكذا اراها اقرأ لماركس وسارتر ثم رد علي ان شئت.

بالفعل قرأت لهما. الفكرة ببساطة انه قد تبدأ مجموعة معينة من البشر بقدر واحد من المال لكل فرد منها. ولكن البعض قد يستثمر في ذكاء واجتهاد وأمانة في العمل. فيزداد المال الذي معه ويتضاعف. بينما البعض الآخر يخسر ما معه. أو ينفقه في الفساد. وينتهي الأمر بأن الذين بدأوا معاً بمساواة في المال، اي الاشتراكية كما قال ماركس تنتهي الي اسوأ حال. في المثال الذي ضربته لك بدأوا بقدر متساو من المال وانتهوا علي عكس ذلك تماماً…

ولكن اين الله؟ لم ﻻ يظهر علنا للبشر فيؤمنون؟
من الميسور ان نجد الله من تلقاء ذواتنا لاول وهلة. كما قال موسى النبي: “والكلمة (اي كلمة الايمان) في قلبك. ليست بعيدة منك”(تث30: 4).
اﻻيمان؟ اﻻيمان كلمة تخدرون بها عواطفكم المشبوبة بحب الخلود.
قلت محتجا: اﻻيمان ليس وهما. ان له وجود في الماضي وبالتالي في المستقبل. في كل مرة كان الله يعرف نفسه انه “اله ابراهيم واسحق ويعقوب”. ويذكرهم بتاريخ تعاملاته معهم. لا تحكم عل الله من خلال امر سئ حدث معك، او مع احد احبائك. فتساؤلاتنا عن العناية الالهية نجد إجابتها في شخص الرب، وليس في الاحداث اليومية.

اتكأت على البنش فندت مني صرخة حادة.
“ماذا الم بك؟” قال الشبح.
رايت لطخة حمراء على يدي .. قلت متأوها:
جرح اصبعي بسلاية. يبدو انني مضطر الى المغادرة.
ذهبت راكضا الى صندوق الاسعافات الاوليه المعلق في اول الممر وجلبت اليود وصبغت الجرح…

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s